ولو سلم فذلك لوجود من إليه التولية وهو الإمام ولا كذلك إذا مات ولا إمام غيره الثالث أن الإمامة لإزالة الفتن وإثباتها بالبيعة مظنة إثارة الفتن لاختلاف الآراء كما في زمن علي رضي الله تعالى عنه ومعاوية فتعود على موضوعها بالنقض ورد بأنه لا فتنة عند الانقياد للحق فإن جهات الترجيح من السبق وغيره معلومة من الشريعة ونزاع معاوية لم يكن في إمامة علي رضي الله تعالى عنه بل في أنه هل يجب عليه بيعته قبل الاقتصاص من قتلة عثمان وأما عند الترفع والاستيلاء فالفتنة قائمة ولو مع قيام النص ولو سلم فالكلام فيما إذا لم يوجد النص إذ لا عبرة بالبيعة والاختيار على خلاف ما ورد به النص ولا خفاء في أن الفتنة القائمة من عدم الإمام أضعاف فتنة النزاع في تعيينه الرابع أن الإمامة خلافة الله ورسوله فيتوقف على استخلافهما بوسط أو لا بوسط والثابت باختيار الأمة لا يكون خلافة منهما بل من الأمة ورد بأنه لما قام الدليل من قبل الشارع وهو الإجماع على أن من اختاره الأمة خليفة لله ورسوله كان خليفة سقط ما ذكرتم ألا ترى أن الوجوب بشهادة الشاهد وقضاء القاضي وفتوى المفتي حكم الله لا حكمهم على أن الإمام وإن كان نائبا لله فهو نائب للأمة أيضا الخامس أن القول بالاختيار يؤدي إلى خلو الزمان عن الإمام وهو باطل بالاتفاق وذلك فيما إذا عقد أهل بلدتين لمستعدين ولم يعلم السبق فإنه لا يمكن الحكم بصحتهما لاحتمال المقارنة ولا بفسادهما لاحتمال السبق ولا يتعين الصحيح لعدم الوقوف وحينئذ لا يمكن نصب إمام آخر لاحتمال كونه ثانيا ورد بأنه ينصب إمام بعدم العلم بوجود الإمام على أنه يمكن الترجيح بجهاته السادس أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته على أنه كان لا يترك الاستخلاف على المدينة وغيرها من البلاد في غيبة مدة قليلة ولا البيان في أدنى ما يحتاج إليه من الفرائض والسنن والآداب حتى في أمر قضاء الحاجة ومسح الخف ونحو ذلك فكيف يترك الاستخلاف في غيبة الوفاة والبيان فيما هو من أساس المهمات والجواب أن ذلك مجرد استبعاد على أن التفويض إلى اختيار أهل الحل والعقد واجتهاد أرباب أولي الألباب نوع استخلاف وبيان كما في كثير من فروع الإيمان السابع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لأمته بمنزلة الأب الشفيق لأولاده الصغار وهو لا يترك الوصية في الأولاد إلى واحد يصلح لذلك فكذا النبي صلى الله عليه وسلم في حق الأمة الثامن قوله تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم) * ولا خفاء في أن الإمامة من معظمات أمر الدين فيكون قد بينها وأكملها إما في كتابه وإما على لسان نبيه والجواب عنهما بمثل ما سبق قال خاتمة ينحل عقد الإمامة بما يزول به مقصود الإمامة كالردة والجنون المطبق وصيرورته أسيرا لا يرجى خلاصه وكذا بالمرض الذي ينسيه العلوم وبالعمى والصمم والخرس وكذا بخلعه نفسه لعجزه عن القيام بمصالح المسلمين وإن لم يكن ظاهرا بل استشعره في نفسه وعليه يحمل خلع الحسن رضي الله تعالى عنه نفسه وأما خلعه لنفسه بلا
(٢٨٢)