شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ١٧٢
أدب قال المبحث الثالث مفهوم الاسم قد يكون نفس الذات والحقيقة وقد يكون مأخوذا باعتبار الأجزاء وقد يكون مأخوذا باعتار الصفات والأفعال والسلوب والإضافات ولا خفاء في تكثير أسماء الله تعالى بهذا الاعتبار وامتناع ما يكون باعتبار الجزء لتنزهه عن التركب واختلفوا في الموضوع لنفس الذات فقيل جائز بل واقع كقولنا الله فإن الجمهور على أنه علم لذاته المخصوصة وكونه مأخوذا من الإله بحذف الهمزة وإدغام اللام ومشتقا من إله يأله أو وله يوله أو لاه يليه إذا احتجب أو لاه يلوه إذا ارتفع أو غير ذلك من الأقاويل الصحيحة والفاسدة لا ينافي العلمية ولا يقتضي الوصفية وقيل غير جائز لأن الوضع يقتضي العلم بالموضوع له ولا سبيل للعقول إلى العلم بحقيقة الذات وأجيب بأنه يجوز أن يكون الواضع هو الله تعالى وبأنه يكفي معرفة الموضوع له بوجه من الوجوه ككونه حقيقة ذات واجب الوجود فالموضوع له أن يكون هو الذات مع أنه لا يعرف بكنه الحقيقة وأما الاستدلال بأن اسم الله تعالى لا يكون إلا حسنا والحسن إنما هو بحسب الصفات دون ا لذات وبأن اسم العلم إنما يكون لما يدرك بالحسن ويتصور في الوهم وبأن العلم قائم مقام الإشارة ولا إشارة إلى الباري تعالى وبأن العلم لا يكون إلا لغرض التمييز عن المشاركات النوعية أو الجنسية فلا يخفى ضعفه فإن قيل اعتبار السلوب والإضافات يقتضي تكثر أسماء الله تعالى جدا حتى ذكر بعضهم أنها لا تتناهي بحسب لاتناهي الإضافات والمغايرات فما وجه التخصيص بالتسعة والتسعين على ما نطق به الحديث على أنه قد دل الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم على أن لله تعالى أسماء لم يعلمها أحدا من خلقه واستأثر بها في علم الغيب عنده وورد في الكتاب والسنة أسامي خارجة عن التسعة والتسعين كالباري والكافي والدائم والبصير والنور والمبين والصادق والمحيط والقديم والقريب والوتر والفاطر والعلام والمليك والأكرم والمدبر والرفيع وذي الطول وذي المعارج وذي الفضل والخلاق والمولى والنصير والغالب والرب والناصر وشديد العقاب وقابل التوب وغافر الذنب ومولج الليل في النهار ومولج النهار في الليل ومخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي والسيد والحنان والمنان ورمضان وقد شاع في عبارات العلماء المريد والمتكلم والشيء والموجود والذات والأزلي والصانع والواجب وأمثال ذلك أجيب بوجوه الأول أن التخصيص على اسم العدد ربما لا يكون لنفي الزيادة بل لغرض آخر كزيادة الفضيلة مثلا الثاني أن قوله من أحصاها دخل الجنة في موقع الوصف كقولك للأمير عشرة غلمان يكفون مهماته بمعنى أن لهم زيادة قرب واشتغال بالمهمات أو أن هذا القدر من غلمانه الجمة كاف لمهماته من غير افتقار إلى الآخرين فإن قيل إن كان اسمه الأعظم خارجا عن هذه الجملة فكيف يختص ما سواه بهذا الشرف وإن كان داخلا فكيف يصح أنه مما يختص لمعرفته نبي أو ولي وأنه سبب لكرامات عظيمة لمن عرفه حتى قيل إن آصف بن برحيا إنما جاء بعرش بلقيس لأنه قد أوتي الاسم الأعظم قلنا يحتمل أن يكون
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»