شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ١٧٠
في تقرير الاستدلال اعترافا بالمغايرة حيث يقال التسبيح لذات الرب دون اسمه والعبادة لذوات الأصنام دون أساميها بل ربما يدعي أن في الآيتين دلالة على المغايرة حيث أضيف الاسم إلى الرب وجعل الأسماء بتسميتهم وفعلهم مع القطع بأن أشخاص الأصنام ليست كذلك ثم عورض الوجهان لوجهين الأول أن الاسم لفظ وهو عرض غير باق ولا قائم بنفسه متصف بأنه متركب من الحروف وبأنه عجمي أو عربي ثلاثي أو رباعي والمسمى معنى لا يتصف بذلك وربما يكون جسما قائما بنفسه متصفا بالألوان متمكنا في المكان إلى غير ذلك من الخواص فكيف يتحدان الثاني قوله تعالى * (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) * وقوله عليه السلام إن لله تعالى تسعا وتسعين اسما مع القطع بأن المسمى واحد لا تعدد فيه وأجيب بأن النزاع ليس في نفس اللفظ بل مدلوله ونحن إنما نعبر عن اللفظ بالتسمية وإن كانت في اللغة فعل الواضع أو الذاكر ثم لا ننكر إطلاق الاسم على التسمية كما في الآية والحديث على أن الحق أن المسميات أيضا كثيرة للقطع بأن مفهوم العالم غير مفهوم القادر وكذا البواقي وإنما الواحد هو الذات المتصف بالمسميات فإن قيل تمسك الفريقين بالآيات والحديث مما لا يكاد يصح لأن النزاع ليس في اسم بل في أفراد مدلوله من مثل السماء والأرض والعالم والقادر والاسم والفعل وغير ذلك على ما يشهد به كلامهم ألا يرى أنه لو أريد الأول لما كان للقول بتعدد أسماء الله تعالى وانقسامها إلى ما هو عين أو غير أو لا عين ولا غير معنى وبهذا يسقط ما ذكره الإمام الرازي من أن لفظ ا لاسم مسمى بالاسم لا الفعل والحرف فههنا الاسم والمسمى واحد ولا يحتاج إلى الجواب بأن الاسم هو لفظ الاسم من حيث أنه دال وموضوع والمسمى هو من حيث أنه مدلول وموضوع له بل فرد من أفراد الموضوع له فتغايرا قلنا نعم إلا أن وجه تمسك الأولين أن في مثل سبح اسم ربك أريد بلفظ الاسم الذي هو من جملة الأسماء مسماه الذي هو اسم من أسماء الله تعالى ثم أريد به مسماه الذي هو الذات الإلهية إلا أنه يرد إشكال الإضافة ووجه تمسك الآخرين أن في قوله تعالى * (ولله الأسماء الحسنى) * أريد بلفظ الأسماء مثل لفظ الرحمن والرحيم والعليم والقدير وغير ذلك مما هو غير لفظ الأسماء ثم أنها متعددة فيكون غير المسمى الذي هو ذات الواحد الحقيقي ا لذي لا تعدد فيه أصلا فإن قيل قد ظهر أن ليس الخلاف في لفظ الاسم وأنه في اللغة موضوع للفظ الشيء أو لمعناه بل في الأسماء التي من جملتها لفظ الاسم ولا خفاء في أنها أصوات وحروف مغايرة لمدلولاتها ومفهوماتها وإن أريد بالاسم المدلول فلا خفاء في أن مدلول اسم الشيء ومفهومه نفس مسماه من غير احتياج إلى استدلال بل هو لغو من الكلام بمنزلة قولنا ذات الشيء ذاته فما وجه هذا الاختلاف المستمر بين كثير من العقلاء قلنا الاسم إذا وقع في كلام قد يراد به معناه كقولنا زيد كاتب وقد يراد به نفس لفظه كقولنا زيد اسم معرب حتى أن كل كلمة فإنه اسم موضوع بإزاء لفظه يعبر عنه
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»