كقولنا ضرب فعل ماض ومن حرف جر وقد أوردنا لهذا زيادة توضيح وتفصيل في فوائد شرح الأصول ثم إذا أريد المعنى وقد يراد نفس ماهية المسمى كقولنا الحيوان جنس والإنسان نوع وقد يراد بعض أفرادها كقولنا جاءني إنسان ورأيت حيوانا وقد يراد جزؤها كالناطق أو عارض لها كالضاحك فلا يبعد أن يقع بهذا الاعتبار اختلاف واشتباه في أن اسم الشيء نفس مسماه أم غيره قال المبحث الثاني لا خلاف في جواز إطلاق الأسماء والصفات على الباري تعالى إذا ورد إذن الشرع وعدم جوازه إذا ورد منعه وإنما الخلاف فيما لم يرد به إذن ولا منع وكان هو موصوفا بمعناه ولم يكن إطلاقه موهما مما يستحيل في حقه فعندنا لا يجوز وعند المعتزلة يجوز وإليه مال القاضي أبو بكر منا وتوقف إمام الحرمين وفصل الإمام الغزالي رحمه الله فقال بجواز الصفة وهو ما يدل على معنى زائد على الذات دون الاسم وهو ما يدل على نفس الذات ويشكل هذا بمثل الإله اسما للمعبود والكتاب اسما للمكتوب والرميم اسما لما رم من العظام أو بلي وبأسماء الزمان والمكان والآلة ولعل المتكلم يلتزم كونها صفات وإن كانت اسما عند النحاة وقد أوردنا تمام تحقيق الفرق في فوايد شرح الأصول لنا أنه لا يجوز أن يسمى النبي صلى الله عليه وسلم بما ليس من أسمائه بل لو سمي واحد من أفراد الناس بما لم يسميه أبواه لما ارتضاه فالباري تعالى وتقدس أولى قالوا أهل كل لغة يسمونه باسم مختص بلغتهم كقولهم خداي وتنكري وشاع ذلك وذاع من غير نكير وكان إجماعا قلنا كفى بالإجماع دليلا على الإذن الشرعي وهذا ما يقال أنه لا خلاف فيما يرد في الأسماء الواردة في الشرع قال إمام الحرمين معنى الجواز وعدمه الحل والحرمة وكل منهما حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل شرعي والقياس إنما يعتبر في العمليات دون الأسماء والصفات وأجيب بأن التسمية من باب العمليات وأفعال اللسان وقال الإمام الغزالي إجراء الصفات إخبار بثبوت مدلولها فيجوز عند ثبوت المدلول إلا لمانع بالدلايل الدالة على إباحة الصدق بل استحبابه بخلاف التسمية فإنه تصرف في المسمى لا ولاية عليه إلا للأب والمالك ومن يجري مجرى ذلك فإن قيل فلم لا يجوز مثل العارف والعاقل والفطن والذكي وما أشبه ذلك قلنا لما فيه من الإيهام لشهرة استعماله مع خصوصية تمنع في حق الباري تعالى فإن المعرفة قد تشعر سبق العدم والعقل بما يعقل العالم أي يحبسه ويمنعه والفطنة والذكاء بسرعة إدراك ما غلب وكذا جميع الألفاظ الدالة على الإدراك حتى قالوا أن الدراية تشعر بضرب من الحيلة وهو إعمال الفكر والرؤية وفيه إيهام لا يجوز بدون الإذن وفاقا كالصبور والشكور والحليم والرحيم فإن قيل قد وجدنا من الأوصاف ما يمتنع إطلاقها مع ورود الشرع بها كالماكر والمستهزئ والمنزل والمنشئ والحارث والزارع والرامي قلنا لا يكفي في صحة الإجراء على الإطلاق مجرد وقوعها في الكتاب والسنة بحسب اقتضاء المقام وسياق الكلام بل يجب أن لا يخلو عن نوع تعظيم ورعاية
(١٧١)