معدوما وغير واقع فممنوع لكنه لا ينافي المقدورية فإمكان الحصول من القادر وإن أريد امتناعه في زمان عدمه وكونه غير واقع فممنوع بل هو ممكن بأن يحصل بدل عدمه الوجود كما هو شأن سائر الممكنات وهذا كقيام زيد فإنه ممتنع مع القعود وبشرطه لكنه ممكن حال القعود وفي زمانه بأن يزول القعود ويحصل القيام واحتجت المعتزلة بوجوه الأول أن القدرة لو لم تتعلق بالفعل إلا حال وجوده وحدوثه لزم محالات (1) إيجاد الموجود وتحصيل الحاصل لأن هذا معنى تعلق القدرة (2) بطلان التكليف لأن التكليف بالفعل إنما يكون قبل حصوله ضرورة أنه لا معنى لطلب حصول الحاصل فإذا كان الفعل قبل الوقوع غير مقدور كان جميع التكاليف الواقعة تكليف مالا يطاق وهو باطل بالاتفاق لأن القائل بجوازه لم يقل بوقوعه فضلا عن عمومه (3) كون جميع الممكنات الواقعة بقدرة الله تعالى قديمة لأن المقارن للأزلي أزلي بالضرورة فإن قيل المعتزلة لا يقولون بالقدرة القديمة قلنا لا بل إنما ينازعون في كونها صفة زائدة على الذات ولو سلم فيكون إلزاميا والجواب عن الأول بعد تسليم أن معنى تعلق القدرة الحادثة بالفعل إيجاده هو أن المستحيل إيجاد الموجود بوجود حاصل بغير هذا الإيجاد وأما بهذا الإيجاد فلا وعن الثاني أن من يقول بكون القدرة مع الفعل لا يشترط في المكلف به أن يكون مقدورا بالفعل حال التكليف بل أن يكون جائز الصدور عن المكلف مقدورا له في الجملة كإيمان الكافر بخلاف خلق الأجسام ونحوه مما لا يصح تعلق قدرة العبد به أصلا وقريب من هذا ما يقال أن معنى كون المكلف به مشروطا بالقدرة أن يكون هو أو ضده متعلق القدرة وههنا قد تعلقت القدرة بترك الإيمان بخلاف خلق الأجسام ونحوه مما لا يصح تعلق قدرة العبد به أصلا وعن الثالث بمنع الملازمة وإنما يتم لو كانت القدرة القديمة والحادثة متماثلتين ليلزم من كون الثانية مع الفعل لا قبله كون الأولى كذلك وقد إيجاب بأن الكلام إنما هو في تعلق القدرة والأزلي إنا هو نفس القدرة وكونها قديمة سابقة لا ينافي كون تعلقها مقارنا حادثا فلا يلزم من كون تعلق القدرة القديمة مع الفعل قدم الحادث أو حدوث القديم ولو حمل ما قال الآمدي أن القدرة القديمة وإن كانت متقدمة على جميع المقدورات فهي إنما تتعلق بالأفعال الممكنة والفعل في الأزل غير ممكن فلا تتعلق به في الأزل بل فيما لا يزال على هذا المعنى لم يرد عليه اعتراض المواقف بأن فيه التزام ما التزمه المعلل مع بيان سبب له في القدرة القديمة فليجز في الحادثة أيضا بسبب آخر وبأن الفعل في الأزل وإن امتنع لكنه أمكن فيما لا يزال في زمان سابق على الزمان الذي وجد فيه فجاز تعلق القدرة به فلو لزمت المقارنة لزم كون الفعل في الزمان السابق دون اللاحق نعم يرد أن الكلام في تعلق القدرة بالمعنى الذي يصحح قولنا فلان قادر على كذا متمكن من فعله وتركه وهو لا يتأخر عن نفس القدرة لا بالمعنى الذي إذا نسب إلى المقدور كان صدوره عن القادر وإذا نسب إلى القدرة كان إيجابها للمقدور وإذا نسب إلى القادر كان خلقه وإيجاده له فإن هذا مقارن بلا نزاع
(٢٤١)