في إثبات القوى الفلكية والنباتية إذا أريد بها غير النفوس والصور إذا تقرر هذا فنقول اعتبر بعضهم في كون القوة قدرة مقارنتها للقصد والشعور ففسر القدرة بصفة تؤثر وفق الإرادة فخرج من الصفات ما لا يؤثر كالعلم وما يؤثر لا على وفق الإرادة كالقوى النباتية والعنصرية وأما النفوس والصور النوعية التي هي من قبيل الجواهر فلا تشملها الصفة واعتبر بعضهم اختلاف الآثار ففسر القدرة بصفة تكون مبدأ لأفعال مختلفة فالقوة الحيوانية تكون قدرة بالتفسيرين لمقارنتها القصد والاختلاف والقوة العنصرية لا تكون قدرة بشيء من التفسيرين لخلوها عن الأمرين والقوة الفلكية قدرة بالتفسير الأول دون الثاني والنباتية بالعكس وهذا ظاهر فبين التفسيرين عموم من وجه فإن قيل القدرة الحادثة غير مؤثرة عند الشيخ فلا تدخل في شيء من التعريفين قلنا ليس المراد التأثير بالفعل بل بالقوة بمعنى أنها صفة شأنها التأثير والإيجاد على ما صرح به الآمدي حيث قال القدرة صفة وجودية من شأنها تأتي الإيجاد والأحداث بها على وجه يتصور ممن قامت به الفعل بدلا عن الترك والترك بدلا عن الفعل والقدرة الحادثة كذلك لكن لم تؤثر لوقوع متعلقها بقدرة الله تعالى على ما سيجيء إن شاء الله تعالى وبهذا يندفع ما يقال لا بد من القول بكون فعل العبد بقدرته على ما هو مذهب المعتزلة أو بنفي قدرة العبد أصلا على ما ذهب إليه جهم بن صفوان مع الفرق الضروري بين حركتي الرعشة والبطش وحركتي الصعود والنزول والحاصل أنا قاطعون بوجود صفة شأنها الترجيح والتخصيص والتأثير ولا امتناع في أن لا يؤثر بالفعل لمانع والنزاع في أنها بدون التأثير بالفعل هل تسمى قدرة لفظي والقول بقدم قدرة الله تعالى مع حدوث المقدورات على ما هو رأينا وبثبوت القدرة الحادثة قبل الفعل على ما هو رأي المعتزلة يؤيد ما ذكرنا (قال والوجدان يشهد) تنبيه على أن طريق معرفة القدرة هو الوجدان على ما هو رأي الأشاعرة فإن العاقل يجد من نفسه أن له صفة بها يتمكن من حركة البطش وتركها دون الرعشة لا العلم بتأتي الفعل من بعض الموجودين وتعذره على الغير على ما ذهب إليه بعض المعتزلة لأن الممنوع قادر عندهم مع تعذر الفعل إلا أن يقال الفعل يتأتى منه على تقدير ارتفاع المنع لا يقال ويتأتى من العاجز على تقدير ارتفاع العجز لأنا نقول الفعل يتأتى من الممنوع وهو بحاله في ذاته وصفاته وإنما التغير في أمر من خارج بخلاف العاجز فإنه يتغير من صفة إلى صفة ولا العلم بصحة الشخص وانتفاء الآفات منه على ما ذهب إليه الجبائي لأن النائم كذلك وليس بقادر إلا أن يقال اليوم آفة ثم الوجدان كما يدل عليها يدل على أنها صفة زائدة على المزاج الذي هو وآثارها من الكيفيات المحسوسة وليست بطريق القصد والاختيار وعلى سلامة البنية وليست من قبيل الأجرام على ما نسب إلى ضرار وهشام من أن القدرة على البطش هي اليد السليمة وعلى المشي هي الرجل السليمة وهذا ما قالا القدرة بعض القادر وإن فسر
(٢٣٩)