من فزع وفرح حيث ينقبض الروح أولا إلى الباطن ثم يخطر بباله أنه ليس فيه كثير مضرة فينبسط ثانيا وهذه كلها إشارة إلى ما لكل من الخواص واللوازم وإلا فمعانيها واضحة عند العقل وكثيرا ما يتسامح فيفسر بنفس الانفعالات كما يقال الفرح انبساط القلب والغم انقباضه والغضب غليان الدم إلى غير ذلك (قال القسم الثالث الكيفيات المختصة بالكميات) هي التي لا يكون عروضها بالذات إلا للكم المتصل كالاستقامة والانحناء للحط والتقعير والتقبيب للسطح وكذا الزاوية على ما سيأتي أو للكم المنفصل كالزوجية والفردية للعدد حتى أن اتصاف الجسم بهذه العوارض لا يكون إلا باعتبار ما فيه من هذه الكميات وقد يعد من الكيفيات المختصة بالكميات الخلقة التي هي عبارة عن مجموع الشكل واللون واستشكل من وجوه الأول أن أحد جزئيه أعني الشكل وإن كان من الكيفيات المختصة بالكم بناء على كونه عبارة عن هيئة إحاطة حداي نهاية بالجسم كما في الكرة المحيط بها سطح واحد أو حدود أي نهايات كما في نصف الدائرة والمثلث والمربع وغيرهما من الأشكال الحاصلة من إحاطة خطين أو أكثر لكن لإخفاء في أن جزءه الآخر أعني اللون من الكيفيات المحسوسة المقابلة للكيفيات المختصة بالكميات والجواب أن مبنى ذلك على ما قيل أن اللون من خواص السطح ومعنى كون الجسم ملونا أن سطحه ملون ولا تنافي بين كون الكيفية محسوسة وكونها مخصوصة بالكم على ما سبقت الإشارة إليه هذا ولكن الأظهر أن اللون قد ينفذ في عمق الجسم الثاني أن الكلام في الكيفية المفردة إذ لو اعتبر تركيب الكيفيات المختصة بالكميات بعضها مع البعض لكان هناك أقسام لا تتناهى مع أنهم لم يعتدوا بها ولم يعدوها من أنواعها والجواب أنهم لما وجدوا الاجتماع اللون والشكل خصوصية باعتبارها يتصف الجسم بالحسن والقبح عدوا المركب منهما نوعا واحدا بخلاف مثل اللون أو الضوء مع الاستقامة أو الانحناء أو الزوجية أو الفردية إلى غير ذلك الثالث أن عروض الخلقة لا يتصور إلا حيث يكون هناك جسم طبيعي بخلاف الكيفيات المختصة بالكم فإنها إنما تفتقر إلى المادة في الوجود دون التصور على ما تقرر في تقسيم الحكمة إلى الطبيعي والرياضي والإلهي والجواب أن الأمور العارضة للكمية منها ما هي عارضة لها بسبب أنها كمية كالاستقامة والانحناء والزوجية والفردية وهي المبحوث عنها في قسم الرياضيات ومنها ما هي عارضة لها بسبب انها كمية شيء مخصوص كالخلقة وهذا لا ينافي الاختصاص بالكم واعلم أن كلامهم متردد في أن الخلقة مجموع الشكل واللون أو الشكل المنضم إلى اللون أو كيفية حاصلة من اجتماعهما وهذا أقرب إلى جعلها نوعا على حدة (قال وبعضهم) الجمهور على أن الشكل من الكيفيات بناء على أنه الهيئة الحاصلة من إحاطة الحد أو الحدود بالجسم لا نفس السطح المخصوص ليكون من الكم على ما يتوهم من تقسيمه إلى الدائرة والمثلث والمربع وغيرها ثم تفسير الدائرة بأنه سطح محيط به خط
(٢٥٢)