شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
بأنها صفة في القادر فهو مذهب الجمهور وما قيل أنها بعض المقدور فإنما يصح في القدرة بمعنى المقدورية أي كون الفعل بحيث يتمكن الفاعل منه ومن تركه وذهب بشر بن المعتمر إلى أنها عبارة عن سلامة البنية من الآفات وإليه مال الإمام الرازي واعترض على ما ذكره القوم من أنا نميز بالضرورة بين حركتي البطش والرعشة وما ذاك إلا بوجود صفة غير سلامة البنية توجد لبعض الأفراد دون البعض كالقدرة على الكتابة لزيد دون عمرو وعلى بعض الأفعال دون البعض كقدرة زيد على القراءة دون الكتابة بأن الاختيار قبل الفعل باطل عندكم ومعه ممنوع لامتناع العدم حال الوجود وأيضا حصول الحركة حال ما خلقها الله تعالى ضروري وقبله محال فأين الاختيار وأيضا حصول الفعل عند استواء الدواعي محال وعند عدم الاستواء يجب الراجح ويمتنع المرجوح فلا تثبت المكنة والجواب أن الضروري هو التفرقة بمعنى التمكن من الفعل والترك بالنظر إلى نفس حركة البطش مع قطع النظر عن الأمور الخارجية بخلاف حركة المرتعش وحاصله أن الوجوب أو الامتناع بحسب أخذ الفعل مع وصف الوجود أو العدم أو بحسب أن الله تعالى خلقه أو لم يخلقه أو بحسب ترجح دواعي الفعل أو الترك لا ينافي تساوي الطرفين بالنظر إلى نفس القدرة (قال المبحث الثاني) اختلفوا في أن الاستطاعة أي القدرة الحادثة على الفعل تكون قبله أو معه فذهبت الأشاعرة وغيرهم من أهل السنة إلى أنها مع الفعل لا قبله وأكثر المعتزلة إلى أنها قبل الفعل ثم اختلفوا في أنه هل يجب بقاؤها إلى حال وجود المقدور لنا وجوه الأول أن القدرة عرض والعرض لا يبقى زمانين فلو كانت قبل الفعل لانعدمت حال الفعل فيلزم وجود المقدور بدون القدرة والمعلول بدون العلة وهو محال ولا يرد النقض بالقدرة القديمة لأنها ليست من قبيل الأعراض وأجيب بعد تسليم امتناع بقاء العرض بأن المحال هو وجود المعلول بدون أن يكون له علة أصلا واللازم هو وجوده بدون مقارنة العلة بل مع سبقها واستحالة ذلك نفس المتنازع ولو سلم فيجوز أن تنعدم القدرة ويحدث مثلها فيكون لها بقاء بتجدد الأمثال على الاستمرار في حال الفعل كما هو شأن العلم والميل والتمني ونحو ذلك مما لا نزاع في جواز سبقها على متعلقاتها وفيه نظر لأن وجود المقدور حينئذ إما بالقدرة الزائلة فيعود المحذور أو الحاصلة وهو المطلوب ثم لا يخفى أن الكلام إلزامي على من يقول بتأثير القدرة الحادثة الثاني أن الفعل حال عدمه ممتنع لا استحالة اجتماع الوجود والعدم ولا شيء من الممتنع بمقدور وفاقا الثالث لو كانت القدرة قبل الفعل لكان الفعل قبل وقوعه ممكنا لكنه محال لأنه يلزم من فرض وقوعه كون القدرة معه لا قبله هف والوجهان متقاربان وجوابهما بعد النقض بالقدرة القديمة أنه إن إريد بامتناع الفعل حال العدم وقبل الحدوث امتناعه مع وصف كونه
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»