الشعور بالضد بمعنى أنها نفس كراهة الضد المشعور به وإلا فلا معنى لاشتراط كون الشيء نفس الشيء بشرط واختلف القائلون بالتغاير في الاستلزام فذهب القاضي والغزالي إلى أن إرادة الشيء تستلزم كراهة ضده المشعور به إذ لو لم يكن مشعورا مكروها بل مرادا لزم إرادة الضدين وهو مح لأن الإرادتين المتعلقتين بالضدين متضادتان وأجيب بمنع المقدمتين لجواز أن لا يتعلق بالضد كراهة ولا إرادة ككثير من الأمور المشعور بها ولجواز أن يكون كل من الضدين مرادا من جهة إرادة على السوية أو مع ترجح أحدهما بحسب ما فيه من نفع راجح وأيضا لو صح ما ذكر لكان كراهة الشيء مستلزمة لإرادة ضده المشعور به فيلزم من إرادة الشيء الذي له ضدان أن يكون كل منهما مكروها لكونه ضد المراد ومرادا لكونه ضد المكروه ولا محيص إلا بتغاير الجهتين أو تخصيص الدعوى بما له ضد واحد وإذا جاز ذلك فتجويز إرادة كل من الضدين بجهة لا يصلح في معرض إبطال حكم القاضي بالاستلزام المذكور لجوز أن يكون كل منهما مكروها أيضا بجهة وإنما يصلح في معرض الجواب كما ذكرنا حتى لو دفع بأنكم تجعلون متعلق الإرادة مقارنا لها فيلزم من إرادة الضدين اجتماعهما كان كلاما على السند مع أنه ضعيف لأن القول بأن متعلق الإرادة الحادثة لا يكون إلا مقدورا للمريد مقارنا لإرادته حتى لا يتعلق بفعل الغير وبالمستقبل ويكون كل ذلك من قبيل التمني دون الإرادة مخالف للغة والعرف والتحقيق (قال ومنها القدرة) لفظ القوة يقال للصفة التي بها يتمكن الحيوان من مزاولة أفعال شاقة ويقابلها الضعف وقد يقال لصفة المؤثرية فيفسر بصفة هي مبدأ التغير من شيء في آخر من حيث هو آخر فقوله في آخر إشعار بوجوب التغاير بين المؤثر والمتأثر وقيد الحيثية إشعار بأنه يكفي التغاير بحسب الاعتبار كالطبيب يعالج نفسه فيؤثر من حيث أنه عالم بالصناعة ويتأثر من حيث أنه جسم ينفعل عما يلاقيه من الدواء وهذا بالنظر إلى ظاهر الإطلاق وإلا فعند التحقيق التأثير للنفس والتأثر للبدن ولو مثل بالمعالج نفسه في تهذيب الأخلاق وتبديل الملكات لكان أقرب ثم القوة التي هي وصف المؤثرية إما أن تكون مع قصد وشعور بأثرها أو لا وعلى التقديرين فإما أن تكون آثارها مختلفة أو لا فالأولى وهي الصفة المؤثرة مع القصد والشعور واختلاف الآثار والأفعال هي القوة الحيوانية المسماة بالقدرة والثانية وهي القوة المؤثرية على سبيل القصد والشعور لكن على نهج واحد من غير اختلاف في آثارها وهي القوة الفلكية والثالثة وهي المبدأ لآثار وأفعال مختلفة لا على سبيل القصد والشعور وهي القوة النباتية والرابعة وهي مبدأ الأثر على نهج واحد بدون القصد والشعور هي القوة العنصرية وهذه كلها من أقسام العرض على ما يشعر به لفظ الصفة وهي المبادي القريبة للأفعال وإما أن لكل منها أو لبعضها مبادئ من قبيل الجواهر تسمى بالصور النوعية والنفوس فذلك بحث آخر وقد ينازع
(٢٣٨)