شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٣٧
إلا مقدورا فيمتنع تعلقها بالإرادة والكراهة وبالعكس إلا إذا جعلناهما من مقدورات العبد بأقدار الله تعالى وصح ما قيل في الفرق بين الإرادة والشهوة بأن الإرادة قد تتعلق بالإرادة وبالكراهة بأن يريد الإنسان إرادته لشيء أو كراهته له وكذا الكراهة ولا يلزم منه كون الشيء الواحد مرادا ومكروها معا لأن إرادة الكراهة وكراهة الإرادة لا يوجب إرادة المكروه وكراهة المراد وهذا بخلاف الشهوة فإنه لا معنى لاشتهاء الإنسان شهوته لشيء إلا بمعنى الإرادة كما قيل لمريض أي شيء تشتهي فقال أشتهي أن أشتهي وكذا النفرة لا تتعلق بالنفرة (قال والفلاسفة) يعني أنهم لما ذهبوا إلى أن الله تعالى موجب بالذات لا فاعل بالاختيار والإرادة وعلموا أن في نفي الإرادة عنه تعالى شناعة وإلحاقا لأفعاله تعالى بأفعال الجمادات حاولوا إثبات كونه مريدا على وجه لا ينافي كونه تعالى موجبا فزعموا أن الإرادة عبارة عن العلم بما هو عند العالم كمال وخير من حيث هو كذلك أو عن العلم بكون الفاعل عالما بما يفعله إذا كان ذلك العلم سببا لصدور ذلك الفعل عنه حال كونه غير مغلوب في ذلك ولا مستكره والله تعالى عالم بذلك فيكون مريدا واعترض بأن الإرادة والكراهة لو كانتا نوعين من العلم لاختصتا بذوي العلم واللازم باطل لأن الحركة بالإرادة مأخوذة في تعريف مطلق الحيوان فأجابوا بأن المراد من الإرادة المشتركة بين الحيوانات حالة ميلانية إلى الفعل أو الترك وهي منفية عن الواجب (قال المبحث الثاني) ذهب الشيخ الأشعري وأتباعه إلى أن إرادة الشيء نفس كراهة ضده إذ لو كانت غيرها لكان إما مماثلا لها أو مضادا أو مخالفا والكل باطل أما الملازمة فلأن المتغايرين إن استويا في صفات النفس أعني مالا يحتاج الوصف به إلى تعقل أمر زائد كالإنسانية للإنسان والحقيقة والوجود والشيئية له بخلاف الحدوث والتحيز ونحوه فمثلان كالبياضين وإلا فإن تنافيا بأنفسهما فضدان كالسواد والبياض وإلا فمتخالفان كالسواد والحلاوة وإما بطلان اللازم فلأنهما لو كانتا ضدين أو مثلين لامتنع اجتماعهما وهذا ظاهر لزوما وفسادا ولو كانتا خلافين لجاز اجتماع كل منهما مع ضد الآخر ومع خلافه لأن هذا شأن المتخالفين كالسواد المخالف للحلاوة يجتمع مع ضدها الذي هو الحموضة ومع خلافها الذي هو الرايحة فيلزم جواز اجتماع إرادة الشيء مع إرادة ضده لأن ضد كراهة الضد إرادة الضد وأجيب بأن عدم الاتحاد لا يستلزم التغاير ليلزم أحد الأمور الثلاثة سلمناه لكن لانم جواز اجتماع كل من المتخالفين مع ضد الآخر لجواز أن يكونا متلازمين وامتناع اجتماع الملزوم مع ضد اللازم ظاهر أو ضدين لأمر واحد كالشك للعلم والظن فاجتماع كل مع ضد الآخر يستلزم اجتماع الضدين وعورض بأن شرط إرادة الشيء وكراهته الشعور به ضرورة وقد يراد الشيء أو يكره من غير شعور بضده فإرادة الشيء لا تستلزم كراهة ضده فضلا أن تكون نفسها إلا أن يقال المراد أنها نفسها على تقدير
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 325 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»