شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٤٣
القوة التي هي مبدأ الأفعال المختلفة سواء كملت جهات تأثيرها أو لم تكمل فلا شك في كونها قبل الفعل ومعه وبعده وفي جواز تعلقها بالضدين وإن أريد القوة التي كملت جهات تأثيرها فلا خفاء في كونها مع الفعل بالزمان لا قبله وفي امتناع تعلقها بالضدين بل بالمقدورين مطلقا ضرورة أن الشرائط المخصصة لهذا غير الشرائط المخصصة لذاك إلا أن الشيخ لما لم يقل بتأثير القدرة الحادثة بمعنى الإيجاد فسرنا التأثير والمبدائية بما يعم الكسب الذي هو شأن القوة الحادثة وذلك بحصول جميع الشرائط التي جرت العادة بحصول الفعل عندها فصار الحاصل أن القوة مع جميع جهات حصول الفعل بها لزوما أو معها عادة مقارنة وبدون ذلك سابقة (قال المبحث الثالث) الجمهور على أن العجز عرض ثابت مضاد للقدرة للقطع بأن في الزمن معنى لا يوجد في الممنوع مع اشتراكهما في عدم التمكن من الفعل وعند أبي هاشم هو عدم ملكة للقدرة وليس في الزمن صفة متحققة تضاد القدرة بل الفرق أن الزمن ليس بقادر والممنوع قادر بالفعل أو من شأنه القدرة بطريق جري العادة على ما سبق ويتفرع على كون العجز ضد القدرة ما ذهب إليه الشيخ الأشعري من أنه إنما يتعلق بالموجود كالقدرة لأن تعلق الصفة الموجودة بالمعدوم خيال محض فعجز الزمن يكون عن القعود الموجود لا عن القيام المعدوم ولا خفاء في أن هذا مكابرة وأن العجز على تقدير أن يكون وجوديا وإن لم يقم عليه دليل فلا امتناع في تعلقه بالمعدوم كالعلم والإرادة ولهذا أطبق العقلاء على أن عجز المتحدين لمعارضة القرآن إنما هو عن الإتيان بمثله لا عن السكوت وترك المعارضة والقول باشتراك لفظ العجز بين عدم القدرة فيكون عدميا يتعلق بالمعدوم دون الموجود وبين صفة تستعقب الفعل لا عن قدرة فيكون وجوديا يتعلق بالموجود دون المعدوم خلاف العرف واللغة ولو سلم فالكلام فيما هو المتعارف الشائع الاستعمال (قال وفي تضاد النوم للقدرة تردد) لا خفاء في جواز بعض الأفعال عن النائم وامتناع الأكثر واختلفوا فيما يصدر فذهب المعتزلة وبعض أصحابنا إلى أنه مقدور له وأن النوم لا يضاد القدرة ونفاه الأستاذ أبو إسحق ذهابا إلى التضاد كالعلم والإدراك وتوقف القاضي وبعض الأصحاب وللمعتزلة في القدرة تفريعات وتفاصيل لا نطول الكتاب بذكرها (قال ويضادها الخلق) يريد أن من الكيفيات النفسانية الخلق وفسر بملكة تصدر بها عن النفس أفعال بسهولة من غير تقدم فكر وروية فغير الراسخ من صفات النفس لا يكون خلقا كغضب الحليم وكذا الراسخ الذي يكون مبدأ لأفعال الجوارح بسهولة كملكة الكتابة أو يكون نسبته إلى الفعل والترك على السواء كالقدرة أو يفتقر في صدور الفعل عنه إلى فكر وروية كالبخيل إذا حاول الكرم وكالكريم إذا قصد بالعطاء الشهرة ولما كانت القدرة تصدر عنها الفعل لا بسهولة واستغناء عن روية وكانت نسبتها إلى طرفي الفعل والترك على
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»