شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٤٢
حادث في حق القديم أيضا (قال ويتفرع على كون القدرة مع الفعل أن الممنوع) أي الذي منع من فعل يصح صدوره عنه في الجملة لا يكون قادرا عليه حال المنع كالزمن الذي هو عاجز عن الفعل وأن القدرة الواحدة لا تتعلق بمقدورين سواء كانا ضدين أو مثلين أو مختلفين فإن ما نجده في نفوسنا عند صدور أحد المقدورين غير ما نجده عند صدور الآخر واعترض بأنه إن أريد المغايرة والاختلاف بحسب التعلق على ما قال الإمام أن مفهوم التمكن من هذا غير مفهوم التمكن من ذاك فغير قادح وإن أريد تغاير الحالتين بالذات والمفهوم أو كون القدرة اسما بمجموع التمكن المشترك مع ما به الاختلاف كان لفظ القدرة مقولا بالاشتراك ولم يقل به أحد وذهبت المعتزلة إلى أن الممنوع قادر والمنع لا ينافي القدرة وإنما ينافي المقدور سواء كان المنع بل ما به المنع عدميا كانتفاء الشرط وقوع المقدور أو وجوديا ضدا له كالسكون للحركة أو مولدا للضد كالثقل المولد للحركة السفلية المضادة للحركة العلوية واستدلوا بأنا نفرق بالضرورة بين المقيد الممنوع من المشي والزمن العاجز عنه وما ذاك إلا بوجود القدرة في المقيد دون العاجز وبأن المقيد لم يلحقه تغير في ذاته ولا صفاته ولم يطرأ عليه ضد من أضداد القدرة وقد كان قادرا حال المشي فكذا مع القيد لأن القدرة من صفات النفس وأجيب عن الأول بأن الفرق عندنا عائد إلى جري العادة بخلق القدرة في المقيد بارتفاع القيد بخلاف الزمن العاجز فإنه وإن كان ارتفاع العجز ممكنا لكن لم تجر العادة بذلك وعن الثاني بمنع عدم التغير في الصفة واتفقت المعتزلة على أن القدرة الواحدة تتعلق بالمتماثلات لكن على مرور الأوقات إذ يمتنع وقوع مثلين في محل واحد بقدرة واحدة في وقت واحد واختلفوا في تعلقها بالضدين فجوز أكثرهم تعلقها بهما على سبيل البدل إذ لو لم يكن القادر على الشيء قادرا على ضده لكان مضطرا إلى ذلك المقدور حيث لم يتمكن من تركه هف وتردد أبو هاشم فزعم تارة أن كلا من القدرة القائمة بالقلب والقدرة القائمة بالجوارح يتعلق بجميع أفعال محلها دون محل الأخرى بمعنى أن القائمة بالقلب تتعلق بالإرادات والاعتقادات مثلا دون الحركات والاعتمادات والقائمة بالجوارح على العكس وتارة أن كلا منهما يتعلق بالجميع إلا أنها لا تؤثر لا في أفعال محله مثلا القائمة بالقلب تتعلق بأفعال القلوب والجوارح لكن يمتنع اتحاد أفعال الجوارح بها لفقد الشرائط والقائمة بالجوارح بالعكس وتارة أن القائمة بالقلب تتعلق بجميع أفعال القلب والقائمة بالجوارح لا تتعلق بجميع أفعال الجوارح وتارة أن القائمة بالقلب تتعلق بأفعال القلوب والجوارح جميعا وإن لم تؤثر في أفعال الجوارح والقائمة بالجوارح لا تتعلق بأفعال القلب وإلى القولين الأخيرين أشار في المتن بقوله وتارة خص الحكمين بالقلبية وأراد بالحكمين التعلق بجميع أفعال محله خاصة والتعلق بجميع أفعال محله ومحل الأخرى وأورد الإمام الرازي كلاما حاصله أنه إن أريد بالقدرة
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»