معلومة بعلم واحد لزم أن يكون لكل من علم شيئا ما علوم غير متناهية وهو ظاهر البطلان وجوابه منع الاستلزام المذكور لجواز أن يعلم الشيء ولا يلتفت الذهن إلى العلم به ولو سلم فلا تغاير بين العلم بالشيء والعلم بالعلم به إلا بحسب الاعتبار فينقطع بانقطاع الاعتبار (قال ثم عن التعدد) لا خفاء في جواز تعلق العلمين بمعلوم واحد وهل هما مثلان فيه خلاف وتفصيل ذلك أن للعلم محلا هو العالم ومتعلقا هو المعلوم فإذا تعدد المحل كعلم زيد وعمرو بأن الصانع قديم فالعلمان مختلفان إن جعلنا اختصاص كل منهما بمحله لذاته وإلا فمثلان وإذا تعدد متعلقهما فالعلمان مختلفان سواء كان المعلومان متماثلين كالعلم ببياضين أو مختلفين كالعلم بالسواد والبياض إذ لو كانا مثلين لم يجتمعا في محل فإذا اتحد متعلقهما فالجمهور على أنهما مثلان سواء اتحد وقت المعلوم أو اختلف أما عند الاتحاد فظاهر وأما عند الاختلاف فلأن اختلاف الوقت لا يؤثر في اختلاف العلمين كما لا يؤثر اختلاف الوقت وتقدمه وتأخره في اختلاف الجوهرين واعترض الآمدي بأن الفرق ظاهر فإن الوقت ههنا داخل في متعلق العلم كالعلم بقيام زيد الآن وقيامه غدا ولا خفاء في اختلاف الكل باختلاف الجزء بخلاف كون الجوهر في زمانين فإنه خارج عنه وإنما نظير ذلك العلم بالشيء في وقتين لا العلم بمعلوم مقيد بوقتين هذا والحق أن المعلوم إذا اختلف وقته كان متعددا لا متحدا وأن اتحاده مع تعدد العلم إنما يتصور عند اختلاف وقت العلم والظاهر أنهما حينئذ مثلان أو عند اختلاف محله وقد سبق الكلام في أنهما حينئذ مثلان أو مختلفان (قال المبحث السادس) قد دلت الأدلة السمعية من الكتاب والسنة على أن محل العلم الحادث هو القلب وإن لم يتعين هو لذلك عقلا بل يجوز أن يخلقه الله تعالى في أي جوهر شاء لكن الظاهر من كلام كثير من المحققين أن ليس المراد بالقلب ذلك العضو المخصوص الموجود لجميع الحيوانات بل الروح الذي به امتياز الإنسان وظاهر كلام الفلاسفة أن محل العلم بالكليات هو النفس الناطقة المجردة وبالجزئيات هو المشاعر الظاهرة أو الباطنة إلا أن المحققين منهم على أن محل الكل هو النفس إلا أنه في الكليات يكون بالذات وفي الجزئيات بتوسط الآلات أعني المشاعر وسيجئ بيان ذلك في بحث النفس (قال المبحث السابع) لا خلاف في أن مناط التكاليف الشرعية هو العقل حتى لا يتوجه على فاقديه من الصبيان والمجانين والبهائم وسيجئ أن لفظ العقل مشترك بين معان كثيرة فذهب الشيخ إلى أن المراد به ههنا العلم ببعض الضروريات أي الكليات البديهية بحيث يتمكن من اكتساب النظريات إذ لو كان غير العلم لصح انفكاكهما بأن يوجد عالم لا يعقل وعاقل لا يعلم وهو باطل ولو كان العلم بالنظريات وهو مشروط بالعقل لزم تأخر الشيء عن نفسه ولو كان العلم بجميع الضروريات لما صدق على من يفقد بعضها لفقد شرطها من التفات أو تجربة أو تواتر أو نحو ذلك مع أنه عاقل اتفاقا واعترض بمنع الملازمة فإن المتغايرين قد يتلازمان
(٢٣٥)