مصطلح الفلاسفة ولا أدري كيف ذهب عليه مصطلح المتكلمين وأن مثل القاضي لا يجعل الاشتراك في الجنس دليلا على أن يجوز على كل من المتشاركين ما يجوز على الآخر والجمهور على أن الضروري لا يجوز أن ينقلب نظريا وإلا لزم جواز خلو نفس المخلوق عنه مع التوجه والالتفات وسائر شرائط حصول الضروريات لأن ذلك من لوازم النظريات وعلى هذا لا يرد الاعتراض بأن الضروري قد لا يحصل لفقد شرط أو استعدادا لا أنهم إنما عولوا في استحالة الخلو عن الضروري على الوجدان وفيه ضعف لأن غايته الدلالة على عدم الخلو دن استحالته سلمنا لكن لا خفاء في أن الخلو عن الضروري إنما يمتنع ما دام ضروريا وبعد الانقلاب لا يبقى هذا الوصف وذهب إمام الحرمين وهو أحد قولي القاضي إلى أنه لا يجوز في ضروري هو شرط لكمال العقل الذي به يستأصل لاكتساب النظريات لأنه لو انقلب نظريا لزم كونه شرطا لنفسه وهو دور فإن قيل هذا التفصيل مشعر بأن القول الآخر للقاضي هو الجواز مطلقا أي في كل ضروري وفساده ظاهر لظهور استحالة النظري بدون ضروري ما قلنا هذا إنما يمنع جواز اجتماع الكل على الانقلاب بحيث لا يبقى شيء من الضروريات لا جواز انقلاب كل على الانفراد (قال والخلاف) قد اختلفوا في أن العلم الضروري هل يستند إلى النظري أم لا تمسك المانع بأنه لو استند أي ابتنى وتوقف على النظري المتوقف على النظر لزم توقفه على النظر فيكون نظريا لا ضروريا هف وتمسك المجوز بأن العلم بامتناع اجتماع الضدين ضروري ويتوقف على العلم بوجودهما لأن الاجتماع واللااجتماع فرع الوجود والجواب بمنع تعلق العلم بامتناع اجتماع الضدين ضعيف لأنه إن أريد أنا لا نتصور اجتماعهما ولا تجزم بامتناعه فمكابرة بل مناقضة لأن الحكم بعدم تصوره وعدم الجزم بامتناعه حكم يستدعي تصوره وإن أريد أنا لا نتصور شيئا هو اجتماع الضدين وإنما ذلك على سبيل التشبيه كما سبق نقلا عن الشفاء فلا يضر بالمقصود لأن حكمنا بأن الاجتماع الواقع فيما بين السواد والحلاوة لا يمكن مثله فيما بين السواد والبياض يتوقف على العلم بوجودهما بل الجواب منع ذلك فإن كون الاجتماع واللااجتماع فرع الوجود على تقدير حقيته لا يستدعي توقف العلم بامتناع الاجتماع على العلم بالوجود بل على تصور الضدين بوجه وهو لا يلزم أن يكون بالنظر نعم ربما يكون التصديق المستغني عن النظر فيه مفتقرا إلى النظر في تصور الطرفين فإن سمى مثله ضروريا كان مستندا إلى النظري فمن ههنا قيل أن هذا نزاع لفظي يرجع إلى تفسير التصديق الضروري أنه الذي لا يفتقر إلى النظر أصلا أو لا يفتقر إلى النظر في نفس الحكم وإن كان طرفاه بالنظر والحق أن مراد المتكلمين بالعلم ما هو من أقسام التصديق وبالضروري منه مالا يكون حصوله بطريق الاستدلال عليه والمتنازع هو أنه هل يجوز أن يبتنى على علم حاصل
(٢٣٣)