شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
مركز ثقله أعني النقطة التي يتعادل ما على جوانبها على مركز العالم كما في الأرض والمضاف كيفية تقتضي حركة الجسم في أكثر المسافة الممتدة بين المركز والمحيط حركة إلى المركز لكنه لا يبلغ كما للماء فإنه ثقيل بالإضافة إلى النار والهواء دون الأرض والخفة المطلقة كيفية تقتضي حركة الجسم إلى حيث ينطبق سطحه على سطح القعر فلك القمر كما للنار والمضافة كيفية تقتضي حركة الجسم في أكثر المسافة الممتدة بين المركز والمحيط حركة إلى المحيط لكنه لا تبلغ المحيط كما للهواء قال وليسا راجعين ما ذكر من كون الثقل والخفة كيفيتين زائدتين على الجسم غير متعلقتين بالرطوبة واليبوسة حيث كان الهواء خفيفا مع رطوبة والأرض ثقيلة مع يبوستها هو رأي الجمهور وذهب الجبائي إلى أن سبب الثقل الرطوبة وسبب الخفة اليبوسة لما يظهر بالنار من رطوبة الثقيل كالذهب وترمد الخفيف كالخشب ورد بأن غايته ظهور الرطوبة واليبوسة في بعض ما هو ثقيل وخفيف من غير دلالة على تحققهما قبل ذلك وسببيتهما وعموم الحكم وذهب الأستاذ أبو إسحق إلى أن الجواهر الفردة متجانسة لا تتفاوت في الثقل والخفة وإنما تفاوت الأجسام في ذلك عائد إلى كثرة الجواهر الفردة في الثقيل وقلتها في الخفيف ورد بعد تسليم التجانس بأنه يجوز أن يحدث في المركب من الأجزاء القليلة صفة الثقل والكثرة صفة الخفة لمحض إرادة المختار أو لغيرها من الأسباب كسائر الأعراض من الألوان والطعوم وغيرهما وقد يستدل على بطلان الرأيين بأن الزق الواحد يسع من الزئبق أضعاف ما يسع من الماء فالزئبق أثقل من الماء الكثير مع زيادة الماء في الرطوبة بالاتفاق وتساويهما في الأجزاء في الصورة المفروضة وهي أن يملأ الزق ماء ثم يفرغ فيملأ زئبقا إذ لو كان أجزاء الزئبق أكثر لزم أن يكون فيما بين أجزاء الماء فرج خلاء بقدر زيادة وزن الزئبق على وزن الماء وإن يحس في زق الماء بالأحياز الفارغة أضعاف ما يحس به من المملوة هذا بعد تسليم وجود الخلاء وعدم انحدار الماء بالطبع إلى الحيز الخالي بناء على إرادة القادر أو أن في الخلاء قوة دافعة ويمكن أن يقال لا يحس بها لغاية الصغر مع فرط الامتزاج بالأجزاء المائية (قال ومنع القاضي) اختلف أصحابنا القائلون بالاعتماد فذهب القاضي إلى أن الاعتماد في كل جسم أمر واحد وربما يتعدد أسماؤها بحسب الاعتبار حتى يسمى بالنسبة إلى العلو خفة وإلى السفل ثقلا وليس له بالنسبة إلى الجهات الأخر اسم خاص فما نقل عنه من جواز اجتماع الاعتمادات فمعناه جواز أن يعرض لذلك الأمر الاعتبارات المختلفة والإضافة إلى الجهات الست وذهب بعضهم إلى أنها متعددة غير متضادة لا يقوم بجسم اعتمادا بالنسبة إلى جهتين وبعضهم إلى أنها متعددة غير متضادة لأن من جذب حجرا ثقيلا إلى جهة العلو فإنه يحس منه اعتمادا إلى جهة السفل ولو جذبه غيره إلى جهة السفل يحس منه اعتمادا إلى جهة العلو ولأن كلا من المتجاذبين حبلا على التقاوم والتساوي في القوة يحس من الحبل اعتمادا
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»