قسمي الطبيعي أعني مالا يكون على وتيرة واحدة لاختصاصه بذوات الأنفس فربما يختلف على حسب اقتضاء النفس فبهذا الاعتبار يسمى ميل النبات نفسانيا ومنهم من جعله خارجا عن الأقسام لكونه مركبا على ما سيأتي في بحث الحركة مع زيادة كلام في هذا الباب ثم أنهم قد ذكروا أحكاما تدل على ترددهم في أن الميل نفس المدافعة المحسوسة أو مبدأها القريب الذي يوجد عند كون الحجر صاعدا في الهواء أو ساكنا على الأرض فمنها أن الميل الطبيعي لا يوجد في الجسم عند كونه في حيزه الطبيعي وإلا فإما أن يميل إليه فيلزم طلب حصول الحاصل أو عنه فيلزم أن يكون المطلوب بالطبع متروكا بالطبع ولا يتأتى هذا في مبدأ الميل إذ ربما يتخلف الأثر عنه لفقد شرط أو وجود مانع ومنها أن الميل الطبيعي لا يجامع الميل القسري إلى جهتين لأن امتناع المدافعة إلى جهة مع المدافعة عنها ضروري فالحجر المرمي إلى فوق لا يكون فيه مدافعة هابطة بالفعل بل بالقوة بمعنى أن من شأنه أن يوجد فيه ذلك عند زوال غلبة القوة القسرية وأما إلى جهة واحدة فقد يجتمعان كما في الحجر المدفوع إلى أسفل فإن فيه مدافعة هابطة يقتضيها الحجر إذا خلي وطبعه وأخرى أحدثها فيه القاسر على حسب قوته وقصده ولهذا يكون حركته حينئذ أسرع مما إذا سقط بنفسه فهبط وتتفاوت تلك السرعة بتفاوت قوة القاسر ومنها ما ذكروا في بيان سبب أن الحجر الذي يتحرك صاعدا بالقسر ثم يرجع هابطا بالطبع أن حركته القسرية تشتد ابتداء وتضعف عند القرب من النهاية والطبيعية بالعكس لأن ميله القسري يزداد ضعفا بمصاكات تتصل عليه من مقاومة الهواء المخروق فيزداد الميل الطبيعي أعني مبدأ المدافعة قوة إلى أن يتعادلا ثم يأخذ القسري في الانتقاص والطبيعي في الغلبة فيأخذ حركته في الاشتداد ومنها استدلالهم على وجود الميل الطبيعي بأن الحجرين المرميين بقوة واحدة إذا اختلفا في الصغر والكبر اختلفت حركتاهما في السرعة والبطء وليس ذاك إلا لكون المقاوم الذي هو الميل الطبيعي أعني مبدأ المدافعة في الكبير أكثر منه في الصغير لأن التقدير عدم التفاوت في الفاعل والقابل إلا بذلك وأجاب الإمام بأن الطبيعة قوة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه فيكون في الكبير أكثر وبزيادة المقاومة أجدر والفلاسفة يزعمون أنها أمر ثابت ليس مما يشتد ويضعف أو ما يقل ويكثر في الجسم الواحد حتى أن طبيعة كل الماء وبعضه واحد ولا يتبين الحق من ذلك إلا بمعرفة حقيقة ما هو المراد بالطبيعة ههنا وهم لم يزيدوا على أن الطبيعة قد يقال لما يصدر عنه الحركة والسكون أو لا وبالذات دون شعور وإرادة وقد يقال لما يصدر عنه أمر لا يتخلف عنه ولا يفتقر الصدور إلى علة خارجة عنه كنزول الحجر إلى السفل وقد يخص بما يصدر عنه الحركات على نهج واحد دون شعور وقد تسمى كل قوة جسمانية طبيعة وشئ من ذلك لا يفيد معرفة حقيقية وأما إطلاقها على المزاج أو على الكيفية الغالبة من
(٢٠٩)