وللشفافية كما في الفلك والكثافة تقابلها بمعانيها والتخدير وهو تبريد للعضو بحيث يصير جوهر الروح الحامل قوة الحس والحركة إليه باردا في مزاجه غليظا في جوهره فلا يستعملها القوى النفسانية ويجعل مزاج العضو كذلك فلا يفيد تأثير القوى النفسانية واللدع وهي كيفية نفاذة جدا لطيفة تحدث في الاتصاف تفرقا كثير العدد متقارب الوضع صغير المقدار فلا يحس كل واحد بانفراده ويحس بالجملة كالوجع الواحد وإما الملاسة والخشونة فالجمهور على أنهما من الكيفيات الملموسة وقال الإمام بل من الوضع لأن الملاسة عبارة عن استواء أجزاء الجسم في الوضع بحيث لا يكون بعضها أرفع وبعضها أخفض والخشونة عن اختلافها ورد بأنه يجوز أن يكون ذلك مبدأهما لأنفسهما (قال المبحث الثاني) قد يراد بالاعتماد المدافعة المحسوسة للجسم لما يمنعه من الحركة إلى جهة فيكون من الكيفيات الملموسة ولا يقع اشتباه في تحققه ومغايرته للحركة وللطبيعة لكونه محسوسا يوجد حيث لا حركة كما في الحجر المسكن في الجو والزق المنفوخ المسكن تحت الماء وينعدم مع بقاء الطبيعة كما في الجسم الساكن في حيزه الطبيعي وقد يراد به مبدأ المدافعة فيفسر بكيفية يكون بها الجسم مدافعا لما يمنعه عن الحركة إلى جهة ما وسيجئ بيان تحققه ومغايرته للطبيعة ويبقى الاشتباه في أنه من أي قسم من أقسام الكيف (قال وقد يجعل أنواعه) أي أنواع الاعتماد ستة بحسب الحركات في الجهات الست وقد يدعى تضادها مطلقا إن لم يشترط بين المتضادين غاية الخلاف وإن اشترط انحصر التضاد فيما بين المتقابلين كالاعتماد الصاعد والهابط مثلا وفي جعل أنواع الاعتماد ستا ضعيف من وجهين أحدهما أن الاعتماد الطبيعي الذي يتصور فيه الاختلاف بالحقيقة إنما هو الصاعد والهابط أعني الميل إلى العلو والسفل اللذين هما الجهتان الحقيقيتان اللتان لا تتبدلان أصلا حتى لو انتكس الإنسان لم يصر فوقه تحت وتحته فوق بل صار رجله إلى فوق ورأسه إلى تحت بخلاف سائر الجهات فإنها إضافية تتبدل كالمواجه للمشرق إذا واجه المغرب صار قدامه خلفا ويمينه شمالا وبالعكس فيتبدل الاعتمادات أي يصير اعتماده إلى قدام اعتمادا إلى خلف وبالعكس وكذا إلى اليمين والشمال فلا يكون أنواعا مختلفة وثانيهما إن حصر الجهات في الست أمر عرفي اعتبره العوام من حال الإنسان في أزله رأسا وقدما وظهرا وبطنا ويدين يمينا وشمالا والخواص من حال الجسم في أن له أبعادا ثلاثة متقاطعة على زوايا قوائم ولكل بعد طرفين وأما بحسب الحقيقة فالجهات متكثرة جدا غير محصورة بحسب ما للجسم من الأجزاء عند من يقول بالجوهر الفرد أو غير متناهية أصلا بحسب ما يفرض فيه من الانقسامات عند من لا يقول به وبالجملة فالحقيقي من أنواع الاعتماد الذي لا يلحقه التبدل أصلا اثنان هما الثقل والخفة أعني الميل الهابط والصاعد وكل منهما مطلق ومضاف فالثقل المطلق كيفية تقتضي حركة الجسم إلى حيث ينطبق
(٢٠٥)