شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٠٢
أو نوعها وإلا فالحرارة ليست نوعا لحرارة النار وغيرها لا حقيقيا ولا إضافيا وكذا البياض لبياض الثلج والعاج على ما سيجيء وإن كانت غير راسخة سميت انفعالات لأنها لسرعة زوالها شديدة الشبه بأن تنفعل فخصت بهذا الاسم تمييزا بين القسمين قال المبحث الأول أصول الكيفيات الملموسة أي التي لا يخلو عنها شيء من الأجسام العنصرية ويقع الإحساس بها أو لا وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ولا خفاء في وجودها فما يقال أن البرودة عدم الحرارة ليس بشيء ولا في ماهيتها فما يذكر في معرض التعريف لها تنبيه على بعض ما لها من الخواص لا إفادة لتصوراتها والمشهور من خواص الحرارة أنها التي تفرق المختلفات وتجمع المتشاكلات إلا أنها تابعة لخاصة أخرى هي التحريك إلى فوق على ما قال في الحدود الحرارة كيفية فعلية محركة لما تكون فيه إلى فوق لإحداثها الخفة فيعرض أن تجمع المتجانسات وتفرق المختلفات وتحدث بتحليلها الكثيف تخلخلا من باب الكيف أي رقة قوام ويقابله التكاثف بمعنى غلظ القوام وبتصعيدها اللطيف تكاثفا من باب الوضع أي اجتماعا للأجزاء الوجدانية الطبع بخروج الجسم الغريب عما بينها ويقابله التخلخل بمعنى انتفاش الأجزاء بحيث يخالطها جرم غريب ومعنى الفعلية ما سبق من جعل الغير شبيها لا مجرد إفادة أثر ما أعم من الحركة وغيرها ليكون قولنا فعلية محركة بمنزلة قولنا جسم حيوان على ما زعم الإمام وبالجملة فالخاصة الأولية للحرارة هي إحداث الخفة والميل المصعد ثم يترتب على ذلك بحسب اختلاف القوابل آثار مختلفة من الجمع والتفريق والتنجيز وغير ذلك وتحقيقه أن ما يتأثر عن الحرارة إن كان بسيطا استحال أولا في الكيف ثم أفضى به ذلك إلى انقلاب الجوهر فيصير الماء هواء والهواء نارا وربما يلزمه تفريق المتشاكلات بأن تتميز الأجزاء الهوائية من الماء ويتبعها ما يخالطها من الأجزاء الصغار المائية وإن كان مركبا فإن لم يشتد التحام بسائطه ولا خفاء في أن الألطف أقبل للصعود لزم تفريق الأجزاء المختلفة وتبعه انضمام كل إلى ما يشاكله بمقتضى الطبيعة وهو معنى جمع المتشاكلات وإن اشتد التحام البسائط فإن كان اللطيف والكثيف قريبين من الاعتدال حدثت من الحرارة القوية حركة دورية لأنه كلما مال اللطيف إلى التصعد جذبه الكثيف إلى الانحدار وإلا فإن كان الغالب هو اللطيف يصعد بالكلية كالنوشادر وإن كان هو الكثيف فإن لم يكن غالبا جدا حدث تسييل كما في الرصاص أو تليين كما في الحديد وإن كان غالبا جدا كما في الطلق حدث مجرد سخونة واحتيج في تليينه إلى الاستعانة بأعمال أخر وعدم حصول التصعد أو التفرق بناء على المانع لا ينافي كون خاصتها التصعيد وتفريق المختلفات وجمع المتشاكلات قال وقد يقال الحار إطلاق الحرارة على حرارة النار وعلى الحرارة الفايضة عن الأجرام السماوية النيرة وعلى الحرارة الغريزية وعلى الحرارة الحادثة بالحركة ليست بحسب اشتراك اللفظ على
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»