شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٩٨
القارورة ثم يعود إلى مقداره الطبيعي عند ترك المص فيتصاعد الماء ضرورة امتناع الخلاء وكذا يجوز أن يبقى بين جانبي الزق قليل هواء يتخلخل عند الارتفاع أو أن ينفذ الهواء في المسام وإن بولغ في تسديدها وكذا الزق المنفوخ تدخله المسلة بتكاثف ما فيه من الهواء أو لخروج بعضه من المسام وأما شراب الدن فيجوز أن يتكاثف أو يتبخر ويتخلخل منه بالإعصار شيء يسير على مقدار الزق (قال حجة الامتناع) احتج القائلون بامتناع الخلاء أي كون الجسمين بحيث لا يتماسان ولا يكون بينهما جسم يماسهما بل فراغ يمكن أن يشغله شاغل موجودا كان أو معدوما لوجوه الأول أنه لو تحقق الخلاء لزم أن يكون زمان الحركة مع المعاوق مساويا لزمان تلك الحركة بدون المعاوق واللازم ظاهر البطلان بيان اللزوم أنا نفرض حركة جسم في فرسخ من الخلاء ولا محالة تكون في زمان ولنفرضه ساعة ثم نفرض حركة ذلك الجسم بتلك القوة بعينها في فرسخ من الملاء ولا محالة تكون في زمان أكثر لوجود المعاوق ولنفرضه ساعتين ثم نفرض حركته بتلك القوة في ملاء أرق قواما من الملاء الأول على نسبة زمان حركة الخلاء إلى زمان حركة الملاء الأول أي يكون قوامه نصف قوام الأول فيلزم أن يكون زمان الحركة في الملاء الأرق ساعة ضرورة أنه إذا اتحدت المسافة والمتحرك والقوة المحركة لم تكن السرعة والبطاء أعني قلة الزمان وكثرته إلا بحسب قلة المعاوق وكثرته فيلزم تساوي زمان حركة ذي المعاوق أعني التي في الملاء الأرق وزمان حركة عديم المعاوق أعني التي في الخلاء وأعترض أولا بمنع إمكان قوام تكون على نسبة زمان الخلاء إلى زمان الملاء وإنما يتم لو لم ينته القوام إلى مالا قوام أرق منه وهو ممنوع وثانيا بمنع انقسام المعاوقة بانقسام القوام بحيث يكون جزء المعاوق معلوقا وإنما يتم لو ثبت أن المعاوقة قوة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه غير متوقفة على قدر من القوام بحيث لا يوجد بدونه وثالثا بمنع امتناع أن ينتهي المعاوق من الضعف إلى حيث يساوي وجوده عدمه ورابعا وهو المنع المعول عليه إذ ربما يمكن إثبات المقدمات سيما على أصول الفلاسفة أنه لا يلزم من كون المعاوقتين على نسبة الزمانين أن يكون زمان قليل المعاوق مساويا لزمان عديمه وإنما يلزم لو لم يكن الزمان إلا بإزاء المعاوقة وأما إذا كانت الحركة بنفسها تستدعي شيئا من الزمان كالساعة المفروضة في الخلاء فلا إذ في المعاوق القليل تكون ساعة بإزاء نفس الحركة كما في الخلاء ونصف ساعة بإزاء المعاوقة التي هي نصف المعاوقة الكثيرة التي يقع ساعة بإزائها وهذا اعتراض لأبي البركات ومعناه على ما يشعر به كلامه في المعتبر أن كل ما يقع من الحركة فهو من جهة القوة المحركة والجسم المتحرك يستدعي زمانا محدودا بجزم العقل بذلك وإن لم يتصور
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»