شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٩٩
معاوقة المخروق ثم يزداد الزمان إن تحققت المعاوقة فيكون البعض منه بإزاء المعاوقة والبعض بإزاء الحركة وهو زمان الخلاء ويتفاوت بحسب قوة المحرك وخاصية المتحرك والمراد بنفس الحركة حركة ذلك الجسم بتلك القوة من غير اعتبار معاوقة المخروق لا ماهية الحركة من حيث هي هي ليدفع الاعتراض بأنها لو اقتضت قدرا من الزمان لزم ثبوت ذلك القدر لكل من جزئيات الحركة لامتناع تخلف مقتضى الماهية واللازم باطل كما في الحركة المفروضة في جزء من ذلك القدر من الزمان ولا الحركة المجردة من السرعة والبطء ليدفع بما ذكره بعض المحققين من أن الحركة تمتنع أن توجد إلا على حد من السرعة والبطء لأنها لا محالة تكون في مسافة وزمان ينقسم كل منهما لا إلى نهاية فإذا فرضنا وقوع أخرى نقطع تلك المسافة في نصف ذلك الزمان فالأولى أبطأ منها أو في ضعفه فأسرع فالحركة المجردة لا توجد وما لا يوجد لا يستدعي شيئا ويرد على الوجهين أن زمان الحركة قد يكون بحيث لا ينقسم إلا وهما فتكون الحركة في جزء منه محالا والمحال جاز أن يستلزم المحال فلا يكفي في إثبات بطء الأولى ونفي كونها أسرع الحركات فرض وقوع الأخرى مالم يبين إمكانها فإن قيل سلمنا انتفاء البطء لكن لا خفاء في ثبوت السرعة لإمكان وقوع أخرى في زمان أكثر فلا تثبت المجردة من السرعة والبطء قلنا دفع الاعتراض إنما يبتني على ثبوت البطء ليتفرع عليه كون الزمان بحسب المعاوقة وذكر السرعة إنما هو بحكم المقابلة ولهذا عبر في المواقف عن هذا الدفع بأن الحركة لو اقتضت زمانا لذاتها لكانت الحركة الواقعة فيه أسرع الحركات على ما مر وقد يقال في تقرير كلام المحقق أن الحركة لا توجد إلا مع وصف السرعة والبطء وهما بحسب المعاوقة فلا حركة إلا مع المعاوقة فإذا كان الزمان بإزاء الحركة كان بإزاء المعاوقة وإن لم يكن لها دخل في اقتضائه وحينئذ لا يرد الاعتراض بأن امتناع وجود الحركة بدون السرعة والبطء لا ينافي استدعاءها بنفسها شيئا من الزمان ولا النقض باللوازم التي تقتضيها الماهية مع امتناع أن توجد إلا مع شيء من العوارض لكنه لا يدفع اعتراض أبي البركات ولا يثبت دعوى المحقق أن الحركة بنفسها لا تستدعي شيئا من الزمان (قال الثاني) الوجه الثاني أنه لو وجد الخلاء لامتنع حصول الجسم فيه لأن اختصاصه بحيز منه دون حيز ترجح بلا مرجح لكونه نفيا صرفا أو بعدا متشابها ليس فيه اختلاف أصلا لكون اختلاف الأمثال بالمواد وأجيب بعد تسليم التشابه بأنه لا رجحان بالنسبة إلى جميع العالم على تقدير تناهي الخلاء لأنه في جميع الأجزاء وأما على تقدير لا تناهية أو بالنسبة إلى جسم جسم فيجوز أن يكون الرجحان بأسباب خارجة كإرادة المختار وكون طبيعة بعض الأجسام مقتضية للإحاطة بالكل وبعضها للقرب من المحيط أو البعد عنه الوجه الثالث أنه لو وجد الخلاء بين الأرض والسماء لزم في الحجر المرمي إلى فوق أن يصل إلى السماء لأن الرامي
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»