لأنه لو صدر عنه شيئان فمفهوم عليته لأحدهما مغاير لمفهوم عليته للآخر بالضرورة والشيء مع أحد المتغايرين لا يكون هو مع الآخر فالفروض لا يكون شيئا واحدا محضا بل شيئين أو شيئا موصوفا بصفتين هذا خلف وإذا كان تكثر المعلول مستلزما التكثر في الفاعل كان وحدة الفاعل مستلزمة لوحدة المعلول بحكم عكس النقيض ولا خفاء في أن هذا كلام قليل الجدوى بعيد عن أن يجعل من معارك الآراء وتفسيره على هذا الوجه يهدم أساس المسائل المبنية على أنه لا يصدر من البسيط شيئان فإنه يجوز أن يصدر عنه أشياء ويكون عليته لكل منها مفهوما اعتباريا مغايرا لعليته للآخر ولا يقدح ذلك في وحدته وبساطته الحقيقية وإلا لما جاز أن يصدر عنه شيء أصلالأن عليته لذلك الشيء مفهوم مغاير لذات العلة بحسب التعقل ضرورة كونه نسبة له إلى المعلول.
الوجه الثاني أن الواحد الحقيقي إذا صدر عنه (ا) فلو صدر عنه (ب) لزم اجتماع النقيضين لأن (ب) ليس (ا) وليس (ا) نقيض (ا) بخلاف ما إذا تعددت الجهة فإن كلا من صدور (ا) وليس (ا) يستند إلى جهة فيكون ما صدر عنه (ا) غير ما صدر عنه ليس (ا) فلا يكون تناقضا ولما كان فساد هذاالوجه في غاية الظهور فإن نقيض صدور (ا) عدم صدور (ا) وهو ليس بلازم وإنما اللازم صدور ما ليس (ا) وهو ليس بنقيض حتى قال الإمام العجب ممن يفنى عمره في المنطق ليعصمه عن الغلط ثم يهمله في مثل هذا المطلب الأعلى فيقع في الغلط الذي يضحك منه الصبيان قرره بعضهم بأن عدم صدور (ا) صادق على صدور ما ليس (ا) فإذا اجتمع في الواحد صدور (ا) وصدور ما ليس (ا) فقد اجتمع صدور (ا) وعدم صدور (ا) وهما نقيضان وهذا أيضا فاسد لأن الممتنع من اجتماع النقيضين هو صدقهما على شيء واحد بطريق حمل المواطأة بأن يصدق على الواحد أنه صدر عنه (ا) ولم يصدر عنه (ا) لا بأن يوجدا فيه ويحملا عليه بالاشتقاق كالأبيض الحلو الذي يوجد فيه البياض واللابياض الذي هو الحلاوة وههنا كذلك لأنه قد وجد في الواحد صدور (ا) وعدم صدوره الذي هو صدور ما ليس (ا) ولم يلزم صدق قولنا صدر عنه (ا) ولم يصدر عنه (ا) وكذا تقرير الصحايف وهو أنه إذا صدر عنه (ا) لم يصدر عنه ليس (ا) لامتناع اجتماع النقيضين فاسد لأن نقيض قولنا صدر عنه (ا) لم يصدر عنه (ا) لا قولنا صدر عنه ليس (1) الوجه الثالث أنه لو جاز صدور الكثير عن الواحد لما كان تعدد الأثر واختلافه مستلزما لتعدد المؤثر واختلافه فلم يصح الاستدلال منه عليه لكن مثل هذا الاستدلال مركوز في العقول مشهور بين العقلاء كما إذا وجدوا النار تسخن المجاور والماء يبرده حكموا قطعا باختلافهما في الحقيقة ورد بأنا لانم ابتناء ذلك على استلزام تعدد الأثر تعدد المؤثر بل على استلزام وجود المؤثر التام وجود أثره ووجود الملزوم وجود لازمه فحين لم يجدوا من الماء أثر طبيعة النار ولازمها الذي هو سخونة المجاور حكموا