الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ٩١
الشرعي للصحبة، ذلك المعنى الممدوح المقتضي للمتابعة والنصرة على ما سبق تفصيله.
2. وماذا تعني بالصحبة الشرعية؟ وهل سبقك أحد إلى هذا المسمى؟
الجواب: الصحبة الشرعية هي تلك الصحبة التي أثنى عليها الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) جزما، ونزلت الآيات في وصفها، وكانت أيام الضعف والذلة، أيام حاجة الإسلام وحاجة النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى النصرة والاتباع، تلك الصحبة التي إن ورد الثناء على الأصحاب، أو الأمر بعدم سبهم، أو الأمر بالاقتداء بهم، فلا تنصرف هذه المعاني إلا لها، وهذا لا يعني عدم الثناء على الصالحين في أي زمن، وإنما يعني احترام خصوصية السابقين، الذين فضلهم الله ورسوله، وهم المهاجرون والأنصار.
أما هل سبقني أحد إلى هذه التسمية، فهذا السؤال له مقدمة وجواب:
أما المقدمة فأقول: يجب أن يعرف القارئ الكريم أن هناك كثيرا من المصطلحات التي نقول أنها شرعية لكون الشرع أعطاها دلالة خاصة غير دلالتها الأولى، وعلى سبيل المثال مصطلحات الزكاة، والصلاة، والحج، فمعانيها من حيث اللغة تعني الطهارة، والدعاء، والقصد...، لكن الإسلام بنصوص الكتاب والسنة قد أعطى هذه المعاني دلالات أخرى مع عدم نفي الدلالات السابقة، فالحج قصد، لكن إلى بيت الله الحرام لأداء شعائر معينة، والزكاة أصبحت تعني إخراج حق المال، وهي طهارة أيضا، تطهر مال المزكي وتطهر المزكي من الإثم ونحو هذا.
بمعنى أن الشرع يضيف تقييدات على المصطلحات العامة، ليصبح لها مدلول شرعي مقيد، بعد أن كان المدلول اللغوي واسعا، قد يصل لحد المشترك اللفظي، أو يكثر فيه المجازات اللغوية. فكذلك الصحبة إذا قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (لا تسبوا أصحابي...) عرفنا أن كلمة
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست