بهزيمة المسلمين في بادئ الأمر، وهتف بعضهم (ألا بطل السحر اليوم!!)، وكان رؤساؤهم كأبي سفيان وصفوان بن أمية وحكيم بن حزام ينتظرون لمن تكون الدائرة!! قال أبو سفيان يومئذ (لا تنتهي هزيمتهم دون البحر!!)، وهم الذين طلبوا من النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يعمل لهم ذات أنواط، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) في حقهم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم!!)، فهذا خاص في الطلقاء فأورده الروافض في كل الصحابة!! وبعضنا لميله إلى بني أمية يحب أن يصح في سائر الصحابة من أن يكون خاصا بالطلقاء!!.
كما أن الطلقاء تزاحموا على النبي (صلى الله عليه وسلم) بالجعرانة عند توزيع الغنائم حتى فقد رداءه وجذبه بعضهم جذبه شديدة أثر في عنقه، وبعض الأعراب قال له: (إعدل يا محمد!!)، فهؤلاء الطلقاء والأعراب غزو معه حنين والطائف، فهي غزوتان وعلى هذا ينطبق عليهم تعريف سعيد بن المسيب لو أراد مجرد الصحبة سنتين بغض النظر عن صلاح السيرة، وهذا مما نربأ بسعيد بن المسيب عن اعتقاده وقوله، فهو من أعلم التابعين وأفضلهم، وهو لا يريد - والله أعلم - إلا من صحب سنة أو سنتين قبل فتح مكة، أو أنه يشترط في ذلك صلاح السيرة.
وعلى افتراض أن سعيد بن المسيب يريد إدخال أمثال هؤلاء الطلقاء والأعراب، فقوله ليس حكما على النصوص الشرعية، لأن النصوص الشرعية هي الحكم على الجميع.
لكن الخلاصة هنا: أن سعيد بن المسيب - ولا بد أن يكون معه كثير من علماء التابعين بالمدينة - لا يرون الروية أو مجرد اللقيا كافيا، لإطلاق الصحبة، ويشترطون طول ملازمة ومعاشرة حددوها بالصحبة سنة أو سنتين، أو الغزوة مع النبي (صلى الله عليه وسلم) غزوة أو غزوتين بشرط قصد النصرة وليس قصد الغنائم، كما هو ظاهر في معظم الطلقاء والأعراب.