الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ٤٩
الدليل الثالث عشر:
حديث خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وهو قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه) (105).
أقول: الحديث مشهور بلفظ (لا تسبوا أصحابي..)، وهو يخاطب خالد بن الوليد عندما تخاصم مع عبد الرحمن بن عوف، في قضية بني جذيمة (بعد فتح مكة).
وهذا دليل واضح على إخراج النبي (صلى الله عليه وسلم) لخالد بن الوليد وطبقته من الصحبة الشرعية لأكثر من دلالة:
الدلالة الأولى الأقوى: أن تكملة الحديث فيه بيان للصحبة الشرعية التي كتبنا في بيانها هذا البحث، وأنها لا تدرك لقوله (صلى الله عليه وسلم): (فلو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) فهذه هي الصحبة الشرعية تماما (106)، وهي التي لم يدركها خالد بن الوليد - على

(١٠٥) مسلم - كتاب فضائل الصحابة.
(106) هذا الحديث يختلف عن حديث (هل أنتم تاركوا لي صاحبي) في قصة تغاضب أبي وعمر فهذا الحديث ليس فيه بيان للصحبة الشرعية وليس فيه نفي صحبة عمر الشرعية فالنبي (صلى الله عليه وسلم) لم يقل لعمر لو أنفقت مثل جبل أحد لن تبلغ مد أبي بكر ولا نصيفه وإنما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) عمر بأنه كان قد كذب (بتشديد الذال) النبي يوم بعث وصدق به أبو بكر وواساه بنفسه وماله، بل لم يسلم عمر إلا في السنة السادسة من البعثة!! ومن هنا جاءت حرارة العتاب من النبي (صلى الله عليه وسلم)، فهو خطاب عام يراد به الخاص، ولأن أبا بكر أسلم بعد إسلام خديجة وعلي وزيد بن حارثة وهؤلاء من الناس أسلموا قبل أبي بكر خاصة خديجة وعلي فلا يتجه الحكم بأن الناس كلهم كذبوا النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا إذا أطلق على سبيل التغليب فصحيح أن أغلب الناس ومنهم عمر كانوا في بداية البعثة من أشد خصوم النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم هدى الله عمر للإسلام وأعز به الإسلام وعبد المسلمون الله جهرا لكن كان لأبي بكر فضيلة السبق وقوة المواساة وهذا لا يعني نفي الصحبة الشرعية للمهاجرين والأنصار فإنها ثابتة بالنصوص القرآنية فضلا عن النصوص النبوية فيجب التفريق بين مدلول الحديثين.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست