الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ١١٣
الدليل الخامس:
قوله تعالى: ﴿والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون، لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين...﴾ (174). والسورة مكية وهذه الآيات مكية!!.
أقول: بعضهم فسر هؤلاء (الذي جاء بالصدق وصدق به) بأنهم الصحابة ومن هؤلاء ابن تيمية!!.
أقول: ابن تيمية - على جلالته - يتشدد في اعتبار مسألة السور المكية والمدنية عند التصحيح والتضعيف إذا كانت في فضل علي وأهل البيت، كما فعل في زعمه بأن سورة الإنسان مكية بالإجماع!!، حتى ينفي عن علي وفاطمة رضي الله عنهما ما ذكره بعضهم من أنه نزل في حقهم (175) (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)، بينما نجده هنا لا يشير إلى مكية سورة الزمر، التي فيها هذه الآيات التي عمم فضلها على كل الصحابة!! (176)، مع أن السورة لو كانت مدنية لما نزل الثناء إلا على المهاجرين والأنصار بدلالة الآيات الأخرى.

(١٧٤) الزمر: ٣٣ - 35.
(175) مع ضعف الإسناد في ذلك، لكن السورة مدنية وهذه الآيات بالذات مدنية.
(176) ابن تيمية مع فضله وعلمه إلا أنه يجب أن نعرف أنه شامي وأهل الشام فيهم انحراف في الجملة عن علي بن أبي طالب وميل لمعاوية!! وبقي هذا في كثير منهم إلى الأزمان المتأخرة اليوم، وهذا الميل لا يعرفه إلا من عرف الحق أولا من الأحاديث الصحيحة ومدلولها والروايات الصحيحة ثم بعد ذلك فإنه يستطيع التفريق بين الخطأ والصواب، أما من يقلد ابن تيمية تقليدا أعمى فلن ينتفع بهذا الكلام، فكلامي هذا لمن يعلم هذه المسائل وليس لمن يجهلها، إننا لا نجهل قدر الرجل وعلمه ودفاعه عن الإسلام بلسانه وبنانه لكن في الوقت نفسه نعرف تماما أنه منحرف عن علي وأهل بيته متوسعا في جلب شبه النواصب مع ضعفه في الرد عليها فتراه يستروح شبه الشاميين ويحاول الاستدلال لها بكل ما يمكن من مظنونات الصحيح وصريحات الموضوع مع بتر حجج الإمام علي وأصحابه والتحامل الشديد على فضائل علي مع التوسع في قبول الضعيف من الأحاديث والآثار في فضل الخلفاء الثلاثة وفضل معاوية، فتراه يستخدم أكثر من منهج في الحكم على الحديث وهذه الازدواجية دليل الهوى والانحراف وهو سامحه الله مثله مثل غيره من العلماء يؤخذ من قولهم ويترك، وهو مع إحاطته في الجملة بأغلب العلوم إلا أنه لم يضبط علما واحدا ضبطا قويا فتجد لأهل الحديث ملحوظات كبيرة على تنظيراته وتطبيقاته وأهل الفقه والأصول يأخذون عليه كثيرا من الأوهام في نسبة الأقوال إلى العلماء على المسائل التي ينصرها ويشكك ما أمكنه التشكيك في المسائل التي تخالف ما يذهب إليه ولو كانت شروط الإجماع فيها أبلغ وأقوى، وأهل اللغة أشغلهم الغوغاء من أتباعه في دعوى المجاز!! أما التاريخ فحدث ولا حرج من صبغته للتاريخ بالروايات الشامية (الناصبية) وهذه نتيجة طبيعية لشاميته! وأخطاء ابن تيمية - سامحه الله - لا يدركها إلا من بحث أما من تابعه ووثق في نقوله واستنتاجاته فلا بد أن يكون تيميا شامي الهوى منحرف عن علي بن أبي طالب ومائلا لمعاوية بن أبي سفيان معرضا عن الأحاديث الصحيحة الفاصلة في موضوع خلافهما، وإن أخذ بالأحاديث لجأ إلى تأويلها وتمييع معانيها الصريحة الظاهرة.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست