هذه الفرية التي سأذكرها تعيش فعلا وقد سئلت عنها حيثما ذهبت، وبالرغم مما شرحته لمن سألني في أنها كاذبة، فإني أعتقد أنها لم تمسح من أذهانهم، فإن ما يشب عليه الإنسان ليس من السهل الخلاص منه إن هذه المسألة هي: أن الشيعة يعتقدون أن الوحي أراده الله تعالى لعلي بن أبي طالب ولكن جبرئيل خان أو أخطأ فذهب بالوحي إلى النبي، هذا ملخص الفرية المنسوبة للشيعة ولقد وضعت هذه الفرية على لسان الشعبي عامر بن شراحيل في مقالة سبق أن ذكرت مقطعا منها وبينت كذب مضمونها، والآن أذكر لك صدر الكلمة وما يتصل بموضوعنا منها فقد ذكر ابن شاهين عمر بن أحمد في كتابه اللطف في السنة، كما ذكره ابن تيمية في منهاج السنة، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم بن هارون حدثنا أحمد بن الوليد الواسطي، حدثني جعفر بن نصير الطوسي عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن أبيه قال: قال لي الشعبي: أحذركم أهل هذه الأهواء المضلة وشرها الرافضة، لم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، إلى أن قال: واليهود تبغض جبرئيل ويقولون هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة يقولون غلط جبرئيل بالوحي على محمد الخ (1) إن هذه الصورة التي وضعت على لسان الشعبي:
أخذها ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والنحل فنسبها لفرقة من الغلاة سماهم الغرابية: لأنهم قالوا إن عليا أشبه بمحمد من الغراب بالغراب، ولذلك غلط جبرئيل بالوحي فذهب به لمحمد وهو مبعوث لعلي ولا لوم عليه لأنه اشتبه، وبعضهم شتمه وقال بل تعمد ذلك، هكذا رواه ابن حزم (2) في حين ذهب الرازي في كتابه إعتقادات فرق المسلمين إلى أنهم قالوا غلط ولم يتعمد (3) وقد عرفت أن منشأ الرواية الشعبي ونظرا لأهمية الموضوع فسأناقش هذه الرواية وأذكر لك سخفها وإن الذين وضعوها لم يتفطنوا إلى ما فيها من ثغرات:
أ - أول ما يقال في هذه الرواية أن الشعبي عندما كان يقارن بين اليهود