هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ١٩٢
ب - والأمر الثاني هو ما يظهر من اختلاف في أقوال الأئمة بعضهم مع بعض وفي أقوال الإمام الواحد في مقامات مختلفة مما يشكل علامة استفهام ودفعا لذلك قالوا بالتقية حتى لا يبقى إشكال في ذلك، محصل قولهم ذكره صاحب كتاب دراسات في الفرق والعقائد (1).
إن هذا الباحث يظهر من تصويره لمسألة التقية عند الأئمة أنه اختلط عليه المقسم بالقسم، وذلك أن الموردين الذين ذكرهما إنما هما من موارد تطبيق مبدأ التقية لا أن التقية أنشئت من أجلهما، هذا مع أن هذا الباحث وهو الدكتور عرفان من أكثر الناس إنصافا للشيعة فيما كتب عنهم بالقياس إلى غيره فانظر لما كتبه حولهم (2). وقد اعتبر كثير من الكتاب أن موقف الإمام الصادق (ع) من التشديد على التقية فيه ضعف وتخاذل بينما الواقع أن الإمام بموقفه هذا حفظ أصحابه من هجمات شرسة فقدت صوابها ولم يعد لها من منطق غير المخلب والناب وفي مثل هذه الخالات لا بد من الحكمة، وسأذكر لك صورا مصغرة عما كان عليه الحال:
يقول الخطيب البغدادي بسنده عن أبي معاوية قال: دخلت على هارون الرشيد فقال لي: لقد هممت أن من يثبت الخلافة لعلي أن أفعل به وأفعل قال أبو معاوية: فسكت، فقال لي: تكلم، قلت: إن أذنت لي؟ قال: تكلم، قلت: يا أمير المؤمنين قالت تيم منا خليفة رسول الله، وقالت عدي منا خليفة رسول الله، وقالت بنو أمية: منا خليفة الخلفاء، فأين حظكم يا بني هاشم، والله ما حظكم إلا ابن أبي طالب فسكت (3) لقد أحسن الرجل الدخول وعرف من أين يأتيه، وهنا نقول إذا كان من يذكر حق علي بالخلافة يصنع به ما يصنع فما رأي هؤلاء المتفيهقين في أيام الرخاء الذين لم تلفح وجوههم النار ولم يعضهم الحديد.

(1) دراسات في الفرق والعقائد ص 35.
(2) دراسات في الفرق والعقائد ص 42.
(3) الإمام الصادق لأسد حيدر ج‍ 2 ص 310.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»