كتاب المجالس لأبي عيسى الوراق محمد بن هارون المتوفى سنة 247 ه وله من العمر أربعون سنة (1).
والظاهر أن كتاب المجالس هذا هو في مجالس هشام بن الحكم.
وكما كان هشام في حياته ينبوعا ثرا يهب ويعطي النور والخير، كذلك كان بعد موته، فقد أبت عليه طبيعته الخيرة أن يصاب أحد بسببه بسوء بعد موته فقد حدثوا: أن الرشيد كان استمع إلى كلامه في الإمامة في حشد من المتكلمين، وهو لا يعلم بذلك، فلما أنهى هشام حديثه، عض الرشيد على شفتيه وقال: مثل هذا حي، ويبقى ملكي ساعة واحدة، فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف.. وأنذر هشام بذلك، فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجته، فلبس نعليه وانسل ومر ببنيه، وأمرهم بالتواري، ومر من فوره نحو الكوفة، ونزل على بشير النبال (وهو من جملة أصحاب الإمام الصادق ومن حملة الحديث) فأخبره الخبر، ثم اعتل علة شديدة.. فلما حضر الموت قال لبشير إذا فرغت من جهازي فاحملني في جوف الليل وضعني بالكناسة واكتب رقعة، وقل هذا هشام بن الحكم الذي طلبه أمير المؤمنين، مات حتف أنفه، وكان الرشيد قد بعث إلى إخوانه وأصحابه فأخذ الخلق به، فلما أصبح أهل الكوفة رأوه، وحضر القاضي وصاحب المعونة والعامل والمعدلون بالكوفة، وكتب إلى الرشيد بذلك، فقال الحمد لله الذي كفانا أمره وخلى عمن كان أخذ به " (2).