لا سيما بين المعتزلة والشيعة، فإن تأثير كل منهما في الآخر يبدو جليا، كما نلحظ هذا التشابه بينهما في هذه المسائل.
نفي رؤية الخالق بالأبصار. حدوث القرآن. نفي الجبر عن أفعال العباد. قاعدة اللطف. قاعدة الأصلح. نفي قدم الصفات وأنها عين الذات. مسألة الحسن والقبح العقليين.
العدل. وسوى ذلك.
ومن الطبيعي أن يحدث ذلك التجاوب بينهما في كثير من النظريات، بعد أن كان كل منهما ينهج منهجا عقليا مجردا، ويسيران معا في طريق فكري واحد.
وبالرغم من أن الحركة الاعتزالية التي طغت في تلك الآونة على أكثر ما هنالك من نزعات، لم يقف في وجهها موقف محاسب دقيق إلا الشيعة، الذين كانوا معهم في نضال عنيف.
ونعرف ذلك من الحوار المستمر والمناظرات الكثيرة بين زعماء الفريقين، التي تعد من أطرف المناظرات في تاريخ النظر والجدل.
إنه بالرغم من ذلك كله فقد نهج كل منهما المنهج العقلي، وكانا معا في حلبة واحدة، يستلهمان العقل ويعرفان حرمته، وكانتا أكثر الفرق الإسلامية انطلاقا في الميادين الفكرية.
وكما أطلق بعض المستشرقين على المعتزلة ونعتهم بالمفكرين الأحرار (أو أصحاب المذهب العقلي)، كذلك نعت البارون (كرادفو) الشيعة بأنهم (أصحاب الفكر الحر) (1).