فبكى علي رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا علي أجزعا من الموت؟ قال: لا والذي بعثك بالحق يا رسول الله، ولكن خوفا عليك، أفتسلم يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: سمعا وطاعة وطيبة ونفسي بالفداء لك يا رسول الله، ثم أتى مضجعه واضطجع وتسجى بثوبه، وجاء المشركون من قريش فحفوا به لا يشكون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسيف، لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه، وعلي يسمع القوم فيه من تلاف نفسه ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار، ولم يزل علي صابرا محتسبا، فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح، فلما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا: أين محمد؟ قال: وما علمي بمحمد أين هو؟ قال:
فلا نراك إلا مغرا بنفسك منذ ليلتنا، فلم يزل علي أفضل ما بدأ به يزيد ولا يقص حتى قبضه الله إليه.
يا إسحاق، هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال:
إروه، ففعلت، قال: يا إسحاق، أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت: إن الناس ذكروا أن الحديث إنما كان بسبب زبد بن حارثة، لشئ جرى بينه وبين علي وأنكر ولاء علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: في أي موضع قال هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟
قلت: أجل، قال: فإن قتل زيد بن حارثة قبل الغدير، كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني لو رأيت ابنا لك قد أتت عليه خمسة عشر سنة يقول: مولاي مولى ابن عمي أيها الناس فاعلموا ذلك، أكنت منكرا ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهم نعم، قال: يا إسحاق أفتنزه ابنك عما لا تنزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ويحكم لا تجعلوا فقهائكم أربابكم، إن الله جل ذكره قال في كتابه: