يا إسحاق، إني كنت أكلمك وأنا أظنك غير معاند للحق، فأما الآن فقد بان لي عنادك، إنك توقن أن هذا الحديث صحيح؟ قلت: نعم، رواه من لا يمكنني رده، قال: أفرأيت أن من أيقن أن هذا الحديث صحيح ثم زعم أن أحدا أفضل من علي. لا يخلو من إحدى ثلاثة: من أن يكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده مردودة عليه، أو أن يقول: عرف الفاضل من خلقه وكان المعضول أحب إليه، أو أن يقول: إن الله عز وجل لم يعرف الفاضل من المفضول، فأي الثلاثة أحب إليك أن تقول؟ فأطرقت، ثم قال: يا إسحاق لا تقل منها شيئا، فإنك إن قلت منها شيئا استتبتك، وإن كان للحديث عندك تأويل غير هذه الثلاثة الأوجه فقله.
قلت: لا أعلم.
وإن لأبي بكر فضلا، قال: أجل لولا أن له عضلا لما قيل إن عليا أفضل منه، فما فضله الذي قصدت له الساعة؟
قلت: قول الله عز وجل: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) فنسبه إلى صحبته. قال: يا إسحاق، أما إني لا أحملك على الوعر من طريقك إني وجدت الله تعالى نسب إلى صحبة من رضيه ورضى عنه كافرا وهو قوله: (فقال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا) قلت:
إن ذلك كان صاحبا كافرا، وأبو بكر مؤمن، قال: فإذا جاز أن ينسب إلى صحبته من رضيه كافرا جاز أن ينسب إلى صحبة نبيه مؤمنا، وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث. قلت يا أمير المؤمنين إن قدر الآية عظيم، إن الله يقول:
(ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) قال يا إسحاق تأبى الآن إلا أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك، أخبرني عن حزن أبي بكر، أكان رضا أم سخطا؟ قلت: إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا عليه وغما أن يصل إلى رسول الله شئ من