فلما أتاه، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): قد فعلت فداها أبوها ثلاث مرات، ما لآل محمد وللدنيا، فإنهم خلقوا للآخرة، وخلقت الدنيا لهم (1).
ومع ذلك لما جاءت إلى أبيها لتطلب منه خادمة فاستحيت وانصرفت وجائها أبوها لأن يسأل حاجتها، فأخبره علي (عليه السلام) بحاجتها، فأجابها بدلا عن حاجتها بأن تذكر الله تعالى أربعة وثلاثين تكبيرا، وثلاثة وثلاثين تحميدا، وثلاثة وثلاثين تسبيحا (2).
3 - رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (عليها السلام) وعليها كساء من أجلة الإبل وهي تطحن بيديها، وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقالت: يا رسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه، فأنزل الله: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} (3).
فمع ما أصابها من عبادة الله سبحانه من قيامها في المحراب ليلا حتى تورمت قدماها، ومع ما أصابها نهارا من خدمة بيت ولي الله، وتربية أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى قال علي (عليه السلام) أصابها من الضر والضرر الشديد، لم تشتك مما جرى عليها، وتجاوزت عن مرتبة الصبر على تلك الشدائد إلى مرتبة الشكر عليها، فهي لم تر مصيبة حتى تصبر عليها، بل رأتها ألطافا إلهية ظاهرية، فقالت: