مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٨٠
وأما العمال وأعوان الوالي على تقلد الأمور:
فقد وصفهم (عليه السلام) بقوله: " ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة "، [وإدخال الضرورة على الناس، وليست تصلح الأمور بالإدغال، فاصطف لولاية أعمالك أهل العلم والورع والسياسة] وتوخ منهم أهل التجربة والحياء، من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام، المتقدمة، فإنهم أكرم أخلاقا، وأصح أعراضا، وأقل في المطامع إشراقا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا [من غيرهم، فليكونوا أعوانك على ما تقلدت]... ".
وقد بين (عليه السلام) أن تولية الأمور في الحكومة العلوية لا تكون بالميل والهوى، بل بالاستحقاق والاختبار والاصطفاء، وعلى أساس الورع والعلم والسياسة والتجربة والحياء، والنشأة في البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام.
فيدور تولي الأمور مدار الكفاية والأمانة، كما قال الله سبحانه: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} (1)، وقال سبحانه: {إن خير من استأجرت القوى الأمين} (2).
والأمة التي يتصف واليها بتلك الأوصاف، وقاضيها بتلك السمات، وعاملها بهذه المزايا، وتكون المراتب والمناصب فيها على أساس درجات العلم والإيمان والأمانة، تكون خير أمة أخرجت للناس (3)، وإمامهم لا محالة يكون أفضلهم، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أم قوما وفيهم من هو أعلم منه وأفقه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة " (4).

(١) سورة يوسف: ٥٥.
(٢) سورة القصص: ٢٦.
(٣) إشارة إلى الآية ١١٠ من سورة آل عمران.
(٤) ثواب الأعمال ص ٢٠٦، وبتفاوت يسير في علل الشرائع ص ٣٢٦ باب ٢٠ ح ٤ ومصادر أخرى للخاصة.
المغني لابن قدامة ج ٢ ص ٢٠: الجامع الصغير ج ٢ ص ٥٨٢، كنز العمال ج ٧ ص ٥٩٠.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»