فقامت لإحقاقها لمعرفتها بعظمة الله وعظمة أمر الله، فإذا تخلفوا على مسند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الأمر الذي الآمر به هو الله، والمأمور به رسول الله، لا يبقى حرمة لأمر الله ونهيه، وقد بعث الله رسوله لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ومع ضياع حق ابنته التي هي أحب الخلق إليه لا يبقى أمان لحق أحد من الأمة، فلم يكن تظلمها (عليه السلام) إلا لإحقاق حق الله بعدم انتهاك حرمة أمر الله، وإحقاق حق الناس.
إن التي يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها بمقتضى إطلاق السنة (1) لا يمكن أن يكون رضاها وغضبها إلا تبعا لرضا الله وغضبه.
ولابد من النظر إلى ما تقدم، وإلى ما روى إمام الحنابلة في مسنده (2)، والبيهقي في سننه (3)، ومسلم في صحيحه (4)، ونقتصر على ما رواه البخاري في صحيحه: فغضبت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت (5)، وأن فاطمة وجدت على أبي بكر فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت (6).