ونظير هذا ما نقله القرطبي عن مالك بن دينار أنه دعا لامرأة حامل فقال: " اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب " (1).
كان على هؤلاء المشنعين أن يعوا ما في عقيدتهم جيدا ويعرفوا رأي علمائهم في علم الله عز وجل، ولو وقفوا عليه لاستحيوا من هذه المقالة الباطلة، فإن في عقيدة الأشعرية أن التغيير في القضاء لا يوجب جهلا ولا تغيرا في الذات الإلهية، لأن التغيير عندهم إنما هو في الإضافات، وهم يرون أن صفة العلم إضافة مخصوصة وتعلق بين العالم والمعلوم، أو أنها صفة حقيقية ذات إضافة.
وعلى الأول كما صرح به الآلوسي يتغير نفس العلم وعلى الثاني تتغير إضافته فقط. قال: وعلى التقديرين لا يلزم تغير في صفة موجودة بل في مفهوم اعتباري (2). ولهذا نجد في الرسالة التي نقل نصها الآلوسي كما أشرنا إليها سابقا الاعتقاد المطلق بجواز تغيير وتبديل كل شي في هذا الكون حتى ما كان منه مقدرا مكتوبا في الأزل!
وقد وقفت على تصريح للأستاذ الكبير حامد حفني داود المصري المعروف بما نصه: " والشيعة الإمامية براء مما فهمه الناس عن البداء إذ المتفق عليه عندهم، وعند علماء العامة أن علم الله قديم منزه عن التغيير والتبديل والتفكير الذي هو من صفات المخلوقات، أما الذي يطرأ عليه التغيير والمحو بعد الإثبات فهو ما في اللوح المحفوظ بدليل قوله تعالى