باب من أبواب البلدة فتمكنوا من فتحه عنوة ودخلوا، فدهش السكان وأصبحوا يفرون على غير هدى أي كيف شاء خوفهم.
أما الوهابيون الخشن فقد شقوا طريقهم إلى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها، فاقتلعت القضب المعدنية والسياج ثم المرايا الجسيمة، ونهبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات وملوك الفرس والأمراء، وكذلك سلبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف، وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصعة، وجميع ما وجد من هذا الضرب فسحبت إلى الخارج، وقتل زيادة على هذه الأفاعيل قراب خمسين شخصا من القرب من الضريح في الصحن.
أما البلدة نفسها فقد عاث الغزاة المتوحشون فيها فسادا وتخريبا، وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه كما سرقوا كل دار، ولم يرحموا الشيخ ولا الطفل، ولم يحترموا النساء ولا الرجال، فلم يسلم الكل من وحشيتهم ولا من أسرهم.
ولقد قدر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة، وقدر الآخرون خمسة أضعاف ذلك.
ولم يجد وصول الكهية إلى كربلاء نفعا، فقد جمع جيشه فيها وفي الحلة والكفل ونقل خزائن النجف الأشرف إلى بغداد، ثم حصن كربلاء نفسها بسور خاص، وعلى هذا لم يقم بأي انتقام للفعلة الشنيعة الأخيرة التي قام بها العدو الذي لا يدرك، وقد كان ذلك الحادث الأليم للباشا الشيخ في عمره هذا صدمة مميتة، وانتشر الرعب والفزع في جميع أنحاء تركيا وإيران. وبذلك رجع وحوش نجد الكواسر إلى مواطنهم ثقالا على إبلهم التي حملت بنفائس لا تثمن " (1).
وأرتحل القوم بعدها إلى الماء المعروف باسم (الأبيض) فجمع سعود الغنائم