الأوقاف، وكان حسن الصورة، سمحا كريما جوادا حليما حسن العشرة غزير الفضل.
حكي أنه لما أراد العمل بالرصد رأى هولاكو ما يقدم عليه، فقال له: هذا العلم المتعلق بالنجوم ما فائدته، أيدفع ما قدر أن يكون؟ فقال: أنا أضرب لك مثلا، يأمر القان من يطلع إلى هذا المكان، ويرمي من أعلاه طشتا نحاسا كبيرا من غير أن يعلم به أحد، ففعل ذلك، ولما وقع كان له وقعة عظيمة هائلة روعت كل من هناك، وكاد بعضهم يصعق، فأما هو وهولاكو فإنهما ما حصل لهما شئ لعلمهما بأن ذلك يقع، فقال له: هذا العلم النجومي له هذه الفائدة، يعلم المتحدث فيه ما يحدث، فلا يحصل له من الروعة ما يحصل للذاهل الغافل عنه، فقال له: لا بأس بهذا، وأمره بالشروع فيه، إلى آخره.
ومن دهائه ما حكي: أنه حصل لهولاكو غضب على علاء الدين الجويني صاحب الديوان، فأمر بقتله، فجاء أخوه إلى النصير وذكر له، فقال النصير... إلى آخره فسعى في خلاص هذا الشخص.
ومما وقف له عليه أن ورقة حضرت إليه عن شخص من جملة ما فيها: يا كلب يا بن الكلب، فكان الجواب منه أما قوله: يا كلب، فليس بصحيح، لأن الكلب من ذوات الأربع وهو نابح طويل الأظفار، وأما أنا فمنتصب القائمة بادي البشرة عريض الأظفار ناطق ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص، وأطال في نقض كل ما قاله ذلك القائل.
هكذا رد عليه بحسن طوية وتأن غير منزعج، ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة.
ثم ذكر تصانيفه، ثم ذكر بعض القضايا الأخرى (1).
ولا أريد أن أطيل عليكم بقراءة كل ما في كتاب الوافي بالوفيات.
ولاحظوا هذه العبارة من كلامه، أقرؤها عليكم، يقول: وكان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم، وكان يبرهم ويقضي أشغالهم ويحمي