قبل العمل بالعام عناية كبيرة، إذ أشار إلى موارد العموم والخصوص في الأخبار في مواضع عدة من كتابيه التهذيب والاستبصار.
وجدير بالذكر هنا، هو أن الشيخ الطوسي (قدس سره) قد صرح في الإستبصار بأن الأخبار العامة لا يجوز تخصيصها بخبر الواحد (1)، كما منع تخصيص عام القرآن الكريم بخبر الواحد أيضا (2).
وهذا مع مخالفته للمشهور - إذ ادعي الإجماع على جواز التخصيص بخبر الواحد (3) - إلا أن هذا التصريح يعد في الواقع وثيقة في غاية الأهمية، لأنها تؤكد صحة ما تقدم سابقا من طريقة الشيخ في الاكتفاء ببعض الأخبار لا جميعها في مقام بيان أدلته على صحة التأويل والجمع بين الأخبار، مجتنبا بذلك التطويل ومراعيا الاختصار.
ويدل على ما ذكرناه هناك أيضا أنه (قدس سره) قد خصص بعض الأخبار العامة - في موارد كثيرة من التهذيبين - بأخبار لم تبلغ بعضها - بطرقها المذكورة - حد التواتر أو حد الشهرة في الرواية، بل هي في الظاهر من أخبار الآحاد، وفي الواقع ليست منها، لأن الشيخ (قدس سره) لم يعن بإيراد سائر طرقها، كما أنه لم يحشد في كتابيه جميع ما روي في مضمونها ليصبح الخبر أو مضمونه متواترا أو مشهورا، وإنما جرى على عادته، ولهذا بدت تلك الأخبار وكأنها من الآحاد، وهذا لا يستقيم مع تصريحه المذكور.
وعليه: فهي إما أن تكون متواترة لفظا أو معنى، أو محتفة بقرائن قطعية ألحقتها بالمتواتر من جهة كونها موجبة للعلم والعمل، وإما أن تكون