في الحضر من غير عذر لا يجوز، فيوجب أن يكون الجمع جائزا لعذر السفر وعند المطر وغيره. انتهى.
قلت: ما أحسن ما استنبطه هذا الإمام الجهد من الآية الشريفة، إلا أنه مال باستدراكه عن الحق وحاد عن الصواب، وسيأتي إن شاء الله تعالى على ما ظنه مانعا من جواز الجمع في الحضر مطلقا.
فإن قيل: إن الآية مخصوصة بفعل الرسول أو بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي - كما ذكره النيسابوري في تفسيره (6).
قلنا: أما فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فلا دلالة فيه على التخصيص في المقام، لأنه أعم من مورد النزاع، لما سيأتي إن شاء الله تعالى من أن مواظبته عليه وآله الصلاة والسلام على التوقيت في غالب الأحوال لا يدل على تعينه ووجوبه، وإن دل على أفضليته واستحبابه.
وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فلا يقتضي عدم جواز الجمع بين الصلاتين.
إذ غاية ما يدل عليه هذا الحديث وجوب متابعته صلى الله عليه وآله وسلم في هيئة الصلاة وأفعالها، وإلا فقد أدعي أنه لا يدل - في نفسه - على الوجوب والاستحباب، وغيرها، ضرورة اشتمال صلاته عليه وآله الصلاة والسلام على بعض المندوبات والمباحات، والتمييز محتاج إلى قرينة كانت موجودة وقت الخطاب غير ظاهرة لدينا.
على أن السنة قد بينت أنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين في وقت واحد من غير عذر ولا علة، فلا مجال للتوهم المذكور.
ولعمري إن من نظر بعين الإنصاف، ونزع عنه جلباب التعنت والاعتساف، أذعن بدلالة الآية على مذهب أصحابنا الإمامية - نصر الله بهم