مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٩٢
وفي احتجاجه - رضي الله عنه - بجمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إيحاء إلى نفي خصوصية التقديم والتأخير في الجمع، ولولا ذلك لما صح الاحتجاج به.
هذا، مع أنا قد بينا آنفا وسيأتي إن شاء الله أن حديث الأوقات محمول على الفضيلة، فليس حينئذ في تأخير إحدى الصلاتين إلى وقت فضيلة الأخرى والجمع بينهما تفريط يستوجب الإثم والعقاب، فالظاهر إثبات التفريط في تأخير الصلاة عن وقتها المضيق، كتأخير العصر حتى يدخل وقت العشاءين، وتأخيرهما إلى ما بعد انتصاف الليل - عند بعضهم -، وتأخير الفجر حتى تطلع الشمس.
ثم إن المانعين من الجمع تأولوا تلك النصوص، - بعد الاقرار بثبوتها - على وجوه شتى!
مع أن التأويل والصرف عن الظاهر لا يرتكب إلا مع معارضة الحديث لأمر ثابت مقطوع، وليس في المقام ما يعارض ظاهر أحاديث الباب، حتى يلزم تأويلها لأجله، فمن تلك الوجوه:
الأول: ما ذكره الشيخ ولي الله الدهلوي الحنفي في (في شرح تراجم أبواب البخاري) (40) حيث قال: وليعلم أن ما وقع في الحديث من قوله (صلى بالمدينة) وهم من الراوي، بل كان ذلك في سفر انتهى.
قلت: بل الوهم منه، فقد وقع التصريح في جملة من أحاديث الصحيحين وغيرهما - كما تقدم في أوائل هذا الاملاء - بأن الجمع كان بالمدينة، فلم يبق إلا تعمد التحريف - والعياذ بالله -.
وأخرج الطبراني في (الأوسط) (41) بإسناده عن سعيد بن جبير، عن

(٤٠) شرح تراجم أبواب البخاري: ١٢ ط. كراتشي.
(٤١) المعجم الأوسط ٣ / 176.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست