مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ٣٥
وسلم - كأبي بكر، والزبير، وأبي عبيدة، والعباس بن عبد المطلب - يقلون الرواية عنه، بل كان بعضهم لا يكاد يروي شيئا، كسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة (38).
أقول: وأول ما يرد على ابن قتيبة أنه لم يتعرض إلى الروايات الدالة على أن عمر منع عن عموم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا تخصيص بالاكثار وهي أكثر روايات الباب.
فاقتصاره على ذكر الرواية التي فيها أمر عمر بالإقلال، وتوجيهها لا ينهض جوابا عن الروايات الدالة على منع عمر لعموم الحديث وهو خارج عن الموضوعية المطلوبة من المحقق في العلم.
وقد يخطر على البال أن ابن قتيبة - ومن تبعه - حملوا الروايات العامة في منع الحديث، على خصوص الاقلال، حملا للعام على الخاص.
لكن هذا غير صحيح، وذلك:
1 - لأن ابن قتيبة لم يذكر الأخبار العامة أصلا، ولا بالإشارة، فكيف ينسب إليه هذا التخصيص.
2 - أن المخاطبين بقوله " أقلوا الرواية... " هم وفده إلى الكوفة، وأبو موسى الأشعري الذي أرسله إلى الكوفة، لكن الممنوعين عن عامة الحديث هم غير هؤلاء، كأبي هريرة وأبي ذر وأبي مسعود وغيرهم، ومن الواضح أن المخاطب بالعام إذا اختلف عن المخاطب بالخاص، امتنع التخصيص.
فإذا كلف زيد بإكرام العلماء، وكلف عمرو بإكرام العلماء النحويين، لم يجز حمل خطاب زيد على خطاب عمرو، وهذا واضح.
3 - أن التخصيص إنما يجري في الخطابين إذا كان أحدهما يحتوي على لفظ عام والثاني على الخاص، فيكون حمل العام على الخاص، تخصيصا.

(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست