مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ٣٤
هل هناك معلم أمين يحث تلاميذه على العلم، ويحرص على محافظة طلابه على المعلومات، لكنه يوصيهم بعدم المذاكرة، وعدم الكتابة لها؟؟!
أو أن الذي يريد إضاعة الحديث وإبادة السنة يقوم بعمل غير منع كتابته من جانب، ومنع تداوله ونقله من جانب آخر؟!
وثالثا: إن محاولة إظهار عمر - وهو المانع للصحابة - بمظهر المحافظ على الحديث، المتثبت فيه، تستلزم - بوضوح - أن يكون الصحابة الممنوعون - وفيهم كبار أجلاء مثل أبي ذر الغفاري، وأبي مسعود الأنصاري، وغيرهما، وهم الذين لم يأبهوا بمنع عمر فلم يزالوا مستمرين على الإكثار من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى التجأ عمر إلى جلبهم إلى المدينة من الآفاق، وحبسهم عنده بالإقامة الجبرية! - إن تلك المحاولة تستلزم أن يكون هؤلاء الممنوعون من قبل عمر كلهم متهاونين بالسنة لم يحافظوا على الحديث، ولم يتثبتوا فيه، ولم يحتاطوا له، بل فرطوا فيه.
إن مثل هذا الالتزام تجرؤ على مقام أولئك الصحابة الكرام، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
5 - توجيه ابن قتيبة:
وتصدى ابن قتيبة لتوجيه تلك الروايات، مع تخصيصه البحث بما ورد بلفظ " الاقلال " (37) فقال:
كان عمر شديد الإنكار على من أكثر الرواية... وكان يأمرهم بأن يقلوا الرواية، يريد بذلك ألا يتسع الناس فيها، ويدخلها الشوب، ويقع التدليس والكذب من المنافق، وا لفاجر، والأعرابي.
وكان كثير من جلة الصحابة، وأهل الخاصة برسول الله صلى الله عليه وآله

(37) مضى ذكره برقم 1 في ص 20.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست