مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ٣٧
العهد - الصحابة الأمناء، الذين لا يرتاب فيهم، ولا يرتاب على الحديث منهم؟!
الثاني: قوله: " يريد ألا يتسع الناس فيها، ويدخلها الشوب، ويقع التدليس، والكذب من المنافق، والفاجر والأعرابي ".
أقول: إن الممنوعين في زمان عمر كانوا من الصحابة - كما عرفنا أسماء كثير منهم في نصوص منعه - أولا أقل من وجود الصحابة فيهم، فإن كان ما احتمله من الشوب والتدليس والكذب، يحتمل صدوره من الصحابة وأن يكون المنافق والفاجر والأعرابي يوجد في ما بينهم، باعتبار أنهم كانوا محط منع عمر وإنكاره وتشديده وحبسه.
فهذا ينافي ما يلتزم به المسلمون من احترام الصحابة وتقديسهم، من مثل أبي ذر الغفاري، وأبي مسعود الأنصاري.
وإن كان المذكورون من غير الصحابة، فذلك لا يبرر إنزال العقوبة والإهانة والتضييق بالصحابة الكرام من أجل روايتهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!؟
الثالث: قوله: " وكان كثير من جلة الصحابة، وأهل الخاصة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... يقلون الرواية ".
فهذا جزاف من القول، بلا ريب!.
يشهد على ذلك عدم تمثيله إلا بهذا العدد النزر بينما المكثرون للحديث من الصحابة يبلغون المئات، وفيهم من هو أخص ممن ذكر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أهل بيته، ونسائه، وخدمه، والمخلصين من أتباعه، فإنهم قد رووا وأكثروا، وبينهم من منعهم عمر، وحبسهم مثل أبي ذر الغفاري وأبي مسعود الأنصاري.
فكيف يجعل الصحابة موافقين لعمر في إجرائه، مع أنهم خالفوه في أمر التدوين حيث أشار عليه - عامتهم - بالتدوين، فخالفهم فمنع من التدوين (40).

(40) تقييد العلم: 49 - 51.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست