بتقليلها لئلا يقعوا فيه، يساوي لغوية قيد " التعمد بالكذب " ويلزم منه ترك الحديث مطلقا سواء كان الكذب فيه عن عمد أو غير عمد.
وهذا غير صحيح.
3 - وإما قوله: " وقد سلك عموم الصحابة هذا السبيل ".
فهو ادعاء لا يوافق الواقع، فإن الآثار - ومنها ما نقلناه سابقا - تدل على أن المانع من الحديث - ولو بعنوان الإقلال منه - ليس إلا أبو بكر وعمر.
وأما الصحابة: فكان كبارهم، وأجلاؤهم من الممنوعين، ويفهم من فحوى تلك الآثار أنهم لم يكترثوا بأوامر عمر، حتى قام بجلبهم من الآفاق إلى المدينة، وحبسهم عنده، وفيهم مثل أبي ذر الغفاري، وأبي مسعود الأنصاري.
فكيف يجعل الدكتور الصحابة الممنوعين في صف عمر وأبي بكر المانعين!.
4 - عدم وضوح حد الاقلال المذكور قال محمد عجاج الخطيب - بعد أن نقل خبر الذهبي في حبس عمر للصحابة (46) -: هؤلاء ثلاثة من جلة أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأتقاهم، وأورعهم.
هل يعقل من مثل عمر بن الخطاب أن يحبسهم؟
وهل يكفي لحبسهم أنهم أكثروا من الرواية؟
إن المرء ليقف متسائلا أمام هذا الخبر، ويعتريه الشك فيه، ويتبادر إلى نفسه أن يتساءل عن الحد الذي يمكن أن يعرف به الاقلال والاكثار (47).
أقول: أما السؤال الأخير فلا بد أن يسأل عنه عمر نفسه الذي أمر وفده إلى الكوفة بالإقلال، فقال: أقلوا الحديث...
وكذلك ليسأل ابن قتيبة الذي أخبر بأن فلانا وفلانا كانوا يقلون الرواية؟
وكذلك الدكتور عتر الذي جعل " الاقلال " في الرواية من قوانينها؟