مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ٣٩
القليل والكثير، فظاهره العموم.
2 - وأما قوله: " تقليل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خشية أن تزل أقدام، فيقعوا في شبهة الكذب من حيث لا يشعرون ".
ففيه: مضافا إلى ما أوردنا على مثل ذلك في كلام ابن قتيبة، فيما مر (43) أن ترك الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استنادا إلى مثل هذه الشبهة والتخوف من الكذب الموهوم، مخالف للحق الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث إنه تلافى مثل ذلك، بصراحة في ما رواه رافع بن خديج، قال: " مر علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما، ونحن نتحدث، فقال: ما تحدثون؟.
فقلنا: ما سمعنا منك، يا رسول الله.
قال: تحدثوا، وليتبوأ مقعده - من كذب علي - من جهنم! ومضى لحاجته، وسكت القوم، فقال: ما شأنهم لا يتحدثون؟!.
قالوا: الذي سمعناه منك، يا رسول الله!
قال: إني لم أرد ذلك، إنما أردت من تعمد ذلك.
فتحدثنا.
قال: قلت: يا رسول الله، إنا نسمع منك أشياء، أفنكتبها؟
قال: اكتبوا ولا حرج " (44).
ومعنى ذلك أن توهم الكذب، لا يسد به باب الرواية والحديث لا قليله ولا كثيره وأن الذي حذر منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو (تعمد الكذب).
والعجب من الدكتور أنه يقول مثل هذا الكلام، مع أنه يرى قيد " متعمدا " في الحديث المتواتر " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " (45).
ومن الواضح أن الاعتناء بتوهم الكذب ومنع الرواية كلها أو منع بعضها

(43) أنظر ما أوردناه ثانيا على ابن قتيبة ص 37 (44) تقييد العلم: 2 - 73، محاسن الاصطلاح: 300 عن المحدث الفاصل.
(45) أنظر: مسند أحمد 1 / 165 و 2 / 159 و 3 / 39 ومواضع أخر.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست