مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ٣٠
وهذا أيضا ليس ببعيد من صاحب الدرة التي كان يضعها حيث يشاء، مبررا ذلك بما يراه ويدعيه من المصلحة.
3 - توجيه ابن عبد البر:
وقد أغرب ابن عبد البر في توجيه هذه الأحاديث، حيث إنه جمع في الاحتمال بين أن لا تكون حجة، وبين أن تكون صحيحة ثم حاول تأويلها.
فإنه قال - ومورد حديثه ما رواه قرظة من حديث عمر مع وفد الكوفة -:
طعن في حديث قرظة هذا، لأنه يدور على بيان عن الشعبي، وليس مثله حجة في هذا الباب، لأنه يعارض السنن والكتاب...
فكيف يتوهم أحد على عمر أنه يأمر بخلاف ما أمر الله به..
والكلام في هذا أوضح من النهار.
وقال: وقد يحتمل عندي أن تكون الآثار كلها - عن عمر - صحيحة متفقة، ويخرج معناها على أن من شك في شئ تركه (31).
أقول:
إن ترديده في الحديث بين احتمال الإشكال السندي، وعدم الحجية، وبين احتمال أن يكون صحيحا، غريب جدا - وخاصة من مثل ابن عبد البر - حيث إنه مع الإشكال في السند بما ذكر، لم يبق مجال لاحتمال الصحة.
إلا إذا أراد أن يجيب على ذلك الفرض أيضا، فلا بد أن يذكره فرضا على سبيل التسليم تنزلا، لا احتمالا.
وأما إشكاله السندي، من جهة دوران الحديث على " بيان " فهو غير وارد، وذلك: لأن الرجل هو بيان بن بشر، وهو - عندهم - ثقة (32).
وقد اعترض محمد عجاج الخطيب على ابن عبد البر في كلامه هذا، بقوله:

(٣١) جامع بيان العلم ٢ / ١٢١ - ١٢٤، وانظر: السنة قبل التدوين: ١٠٠ - ١٠٣.
(٣٢) تهذيب التهذيب ١ / 506.
(٣٠)
مفاتيح البحث: مدينة الكوفة (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست