مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٥٧
4 - وجود النحو في تلك الفترة:
هناك بعض الأخبار المتناثرة هنا وهناك في كتب التاريخ والأدب والترجمة حين تؤرخ فترة العصر الأموي، بل حتى قبله، وتذكر الخلفاء والولاة أو رجال العصر الأموي تؤكد وجود النحو آنذاك، فيذكر " إنه كان من أعظم المصائب في نفس عبد الملك أن ابنه الوليد كان لحانة وأنه أخذه بتعلم العربية فلم يفلح " (60).
ويذكر أن الدافع الذي دفع عبد العزيز بن مروان إلى الاهتمام بالعربية ما رواه ابن عساكر قبل هذا الخبر أنه دخل على عبد العزيز رجل يشكو صهرا له فقال: " إن ختني فعل بي كذا وكذا " فقال له عبد العزيز: " من ختنك؟ " فقال له: " ختنني الختان الذي يختن الناس " فقال عبد العزيز لكاتبه: " ويحك، بم أجابني؟! فقال له: أيها الأمير إنك لحنت - وهو لا يعرف اللحن - وكان ينبغي أن تقول: ومن ختنك؟ فقال عبد العزيز: أراني أتكلم بكلام لا يعرفه العرب، لا شاهدت الناس حتى أعرف اللحن، فأقام في البيت جمعة لا يظهر ومعه من يعلمه العربية فصلى بالناس الجمعة، وهو من أفصح الناس (61).
وفي " سفينة البحار " في لفظة (النحو) نقلا عن كتاب الجواهر للكراجكي: " قال أمير المؤمنين - عليه السلام -: العلوم أربعة: الفقه للأديان، والطب للأبدان، والنحو للسان، والنجوم لمعرفة الأزمان " (62).
فهذه الروايات والأخبار وأمثالها تدل على توجه أبناء العصور الإسلامية الأولى للحن وللنحو وقواعد العربية، وتدل على وجود النحو والعربية في عصر أبي الأسود أو العصر المقارب له، وقبل الاتصال بالثقافة اليونانية وقبل تطور العقلية

(60) تاريخ النحو: 13.
(61) تاريخ النحو: 14.
(62) سفينة البحار 2 / 581.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست