والأساليب التي يؤمن بها المعترضون في نشأة العلوم والمعارف البشرية.
شيوع اللحن ومحاربته 1 - انتشار اللحن:
نحن نعلم أن النحو لم يوضع جزافا وعبثا - كما هو الحال في كل ظاهرة جديدة - فلا بد من حاجة ملحة على ظهورها، وقد قالوا: " إن الحاجة أم الاختراع "، ولا بد من دوافع أدت إلى إبداع النحو، وإلا لو لم توجد مثل هذه الدوافع لما كان هنا تفكير في إبداعه. أجل، إنما وضع النحو لأجل مواجهة الظروف والأجواء الجديدة التي ظهرت آنذاك والتي أشاعت اللحن على ألسنة الناس، ولعل أهم الأسباب لذلك هو الاختلاط بين العرب والشعوب الأجنبية الأخرى التي دخلت الإسلام، أو خضعت للحكم الإسلامي وعاشت في بلاد المسلمين، أو ارتبط بها المسلمون ببعض العلاقات التي فرضتها الظروف الجديدة، وبإيجاز فإن هذا الاختلاط بكل صوره وأساليبه قد فرضته الظروف الجديدة التي خلقها انبثاق الإسلام وبعثته وتحركه، ومن طبيعة هذا الاختلاط في الألسنة أن يخلق اللحن، ولو راجعنا تاريخ اللحن لرأيناه قد ظهر حتى في عصر الرسول - صلى الله عليه وآله - فيقول أبو الطيب الحلبي: "... لأن اللحن ظهر في كلام الموالي والمتعربين من عهد النبي - صلى الله عليه وآله - فقد روينا أن رجلا لحن بحضرته فقال: ارشدوا أخاكم " (38).
وبعد عصر الرسول - صلى الله عليه وآله - وبعد أن اتسعت الفتوحات الإسلامية وازداد الاختلاط أخذ اللحن يشيع تدريجيا على الألسنة نتيجة لاتساع اختلاط العرب مع غيرهم فقد " كتب كاتب لأبي موسى إلى عمر (من أبو موسى...)، فكتب إليه عمر: سلام عليك، أما بعد، فاضرب كاتبك سوطا