مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٥٢
والتعريفات، وأن عصرها عصر بداوة لا يمكن أن تظهر فيه تلك التقسيمات إلى غيرها من أهداف جهنمية، لا يستهدفون منها التشكيك بالتشيع فحسب، بل بالإسلام كله.
2 - بدائية النحو:
نحن نعلم أن بداية كل علم أو فكرة تبدأ بهذه الصورة البدائية والتي تتجه للكليات والمسائل العامة كتقسيم الكلمة مثلا، ثم تتوسع وتتفرع لتتضمن المسائل الجزئية والتفريعات والأبواب والفصول، كما صرح بهذه الحقيقة الدجيلي فيما نقلناه عنه سابقا (49)، وهذه الحقيقة يقربها أحمد أمين في بداية كتابه " ضحى الإسلام " فهو يقول حول العصر الإسلامي الأول: " ورأينا المسائل تبحث بنظر أدق " (50)، وهو يعترف بالتفاوت الفكري بين الإنسان الجاهلي والإسلامي، ويعترف بانتقال العلوم النقلية - من علوم دينية ولغوية - إلى العصر العباسي، أي أنها كانت موجودة ولو بصورة بدائية، أي بشكل " مسائل جزئية مبعثرة " (51)، وهو يعترف " بأن هناك عوامل شخصية أثرت في العلم لو لم تحدث لأخرت مسير العلم بعض الزمن " (52) ويقصد من ذلك الحاجة، ونفسرها نحن بالحاجة الدينية. إذا فكل هذه الأسباب والدوافع والمسائل يعترف بها أحمد أمين، ثم ينكر وجود النحو ولو بصورته البدائية التي استدعت ظهوره الحاجة الملحة، والتي كانت - تلك الصورة البدائية - على شكل كليات ومسائل عامة، وربما غائمة في بعض مسائلها وليست عميقة الفكرة وليس داخلها أبواب وفصول وتفريعات كما نراها اليوم.
وعندما نقول بالصورة البدائية فإننا نعني تلك المجالات التي استدعت وجودها الحاجة، فوضع أبو الأسود بعض المسائل والأبواب النحوية بعد ما رأى أن

(49) مقدمة ديوان أبي الأسود: 66.
(50) ضحى الإسلام 2 /....
(51) ضحى الإسلام 2 /....
(52) ضحى الإسلام 2 /....
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست