مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٥٨
العربية ونضجها في العصر العباسي كما ادعاه البعض.
إذا فأولئك الذين ينسبون وضع النحو إلى أفراد مقاربين لعصر الإمام - عليه السلام - وأبي الأسود لماذا يحاولون - وبمختلف الأساليب والمظاهر - التهرب عن نسبته للإمام - عليه السلام - أو لأبي الأسود، أو التشكيك فيها وتكذيبها؟!
ولعل هناك نوايا سوداء في بعض النفوس المريضة وراء محاولتها التشكيك أو الاعتراض أو التكتم على هذه النسبة.
مع الاعتراض الثاني النحو العربي والثقافات الأجنبية:
المعارضون يعترضون على أصالة النحو العربي ويعتقدون بأن النحو العربي قد اكتسبه الواضع من النحو اليوناني وأنه لم يتم مثل هذا الاتصال إلا في مرحلة زمنية متأخرة عن تلك المرحلة التي عاشها أبو الأسود، فقد ذهب رينو " إلى تأثر النحو العربي بمنطق أرسطو، كما ذهب إلى هذا غير واحد من المستشرقين " (63).
ولكن يمكن توجيه عدة مناقشات لهذا الاعتراض:
1 - إن مرحلة وضع النحو العربي متقدمة زمنيا على مرحلة الاتصال بالثقافة اليونانية، والملاحظ أن بعض المعارضين حينما يبحثون حول جذور النحو العربي نراهم ينتهون إلى عبد الله بن إسحاق - المتوفى سنة 117 ه‍ - والذي تتلمذ على يد تلامذة أبي الأسود، وعاش في زمن سابق على زمن الاتصال الثقافي والتلاقح الحضاري بين المسلمين واليونان، إذ أن العرب تعرفوا على الثقافة اليونانية بعد ترجمتها إلى اللغة العربية، وقد بدأت حركة الترجمة في العصر العباسي، وكما ذكرنا في البحث السابق وجود النحو خلال العصر الأموي، ومن هنا ندرك أن النحو العربي كان موجودا قبل حركة الترجمة، وقبل العصر العباسي، أي قبل

(63) الدكتور إبراهيم السامرائي، دراسات في اللغة: 206.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست